للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَمْعُ التَّكْسير للقلَّة:

-١ مدلوله:

مَدْلولُ القِلَّةِ: مِن ثَلاثةٍ إلى عَشَرةٍ بطريقِ الحَقيقةِ، ويُشارِكُهُ في الدِّلالَةِ على القِلَّةِ جَمْعَا التَّصْحِيح إلاّ إذا اقْتَرَنَ كُلٌّ منها بـ "أَلْ" الاسْتِغْرَاقِيَّة أو أُضيفَ فحينئذٍ يَنْصرِفُ إلى الكَثْرَةِ نحو: {إنَّ المُسلِمينَ والمُسْلِمات} (الآية "٣٥" من سورة الأحزاب "٣٣") ونحو: "إنَّ مُسلِمي افْرِيقيّة صالِحون".

وَقَدْ يُسْتغْنى ببعض أبْنِيَةِ القِلَّة عنْ بِناءِ الكَثرةِ وَضْعاً كـ "أَرْجُل" و "أعْنَاق" و "أفْئدَةٍ".

وقد يُعْكَسُ كـ "رِجال" و "قلوب" وهذا ما يُسَمَّى بـ "النَّيابَة وَضْعاً". وكذلك قد يُغْني أَحَدُهُما عن الآخر اسْتعمالاً كـ "أَقْلاَم" قال تعالى: {مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} (الآية "٢٧" من سورة لقمان "٣١". فاسْتُعْمِلَ جَمْعُ القِلَّةِ مع أنَّ المَقَامَ للمُبَالغة والتكثير، أو بِالعَكْسِ نحو: {ثَلاثَة قُروء} (الآية "٢٢٨" من سورة البقرة "٢" والقُرْء: الطهر، والحيض: ضد.

فإنَّ فُعُولاً من جُمُوعِ الكَثْرةِ، مع أَنَّ المُرادَ القِلَّة، ويُسَمَّى هذا بالنَّيابةِ استعمالاً.

-٢ أَبْنِيَة جُموعِ القِلَّةِ:

أَبْنية جُموعِ القِلَّةِ أرْبعةٌ: "أَفْعُل" "أَفْعَال" "أَفْعِلَةَ" "فِعْلَة". وهاك تفصيلَها كُلاًّ على حِدَه:

-٣ الجَمْعُ على "أَفْعُل":

جَمْعُ القِلَّة على "أَفْعُل" بضم العَيْن يطرَّد في نوعين:

(أحدهما) "فَعْل" صحيحَ العين: سَواءٌ أصَحَّتْ لامُهُ أم اعْتَلَّتْ بالياء أَمْ بالواو، نحو: "نَجْم" وجمعُها "أَنْجُم" و "ظبْي" وجمعُها "أَظْبٍ" و "جرْوٌ" وجَمْعها "أَجْرٍ" (وأصلُ "أظْبٍ وأجْرٍ" أظْبِيُ وأَجْرُو، قلبت ضمتهما كسْرة، فقُلِبَت الواو ياءً، وحُذِفتِ الياءُ للتنوين) . بشَرْط أن لا تكُون فاؤه واواً كـ "وَعْد" ولا لامُه مُمَاثلةً لِعَينه كـ "رَقّ".

بخلافِ "ضَخْم" مع أنَّه على وزْنِ فَعْل، فإنَّه صفةٌ وإنما قالوا "أَعْبدُ" لغلبةِ الاسْميَّة، وبخلافِ "سَوْط" و "بيْت" لاعْتِلال العَيْن وشذَّ "أعْيُن" قال تعالى: {تَرَى أَعيُنَهُمْ تَفِيضُ منَ الدَّمْعِ} (الآية "٨٣" من سورة المائدة "٥") وَشَذَّ قِياساً وسَمَاعاً "أثْوُب وأَسْيُف" قال مَعْرُوف بنُ عبد الرحمن:

لكلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْوُبا ... حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا

وقال آخر:

كأنَّهُمْ أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيَةٌ ... عَضْبٌ مَضَارَبُها باقٍ بِها الأُثُر

(العَضْب: القاطع، والأُثُر: أثر الجرح)

وشذَّ "أوْجُه" جمع وَجْه، لأن فَاءَه واوٌ، وشَذَّ "أكُفُّ" لأَنَّ لامَه مُمَاثِلةٌ لعَيْنِه (ويُحفظ في "أفعلُ" ثمانية أوزان: "فِعل" كـ "ذِئب" اسماً وجمعها "أَذْؤُب" و "جلْف" صِفةٌ وجمعُها "أَجْلُف" و "فعْلَة" اسماً كـ "نِعْمة" و "أنْعُم" وصِفَة كـ "شِدَّة" و "أشُدّ" و "فعْل" كـ "ضِلَع" و "أضْلُع" و "فعْل" كـ "قُفل" و "أقْفُل" و "فعُل" كـ "عُنُق" و "أعْنُق" و "فعَل" كـ "جَبَل" و "أجْبُل" و "فعَلة" كـ "أَكَمَة" و "أكُم" و "فعُل" كـ "صَنُع" و "أصْنُع" وجمعُها كلِّها لا يقع في الأسماء إلاّ "فِعلا" كـ "ذِئب" و "أذْؤُب" و "رجْل" و "أرْجُل" ومؤنثةٌ كـ "نِعْمةٍ" و "أنْعُم" فيقع في الأسماء والصفات) .

(ثانِيهما) الرُّباعي المؤنث بلا عَلامَة التَّأْنيث وقَبْلَ آخرِه مَدَّةٌ كـ "عَناق" (عَنَاق: شيء من دواب الأرض كالفهد) و "ذراع" و "عقاب" و "يمِين" فتقول في جميعها: "أَعْنُق" و "أذْرُع" و "أعْقُب" و "أيْمُن" وشَذَّ "أَفْعُل" في نحو: "مَكَان" و "أمْكُن" و "شهَاب": "أشْهُب" و "غراب" للمذكر: "أغْرُب".

-٤ الجمع على "أَفْعَال":

يقولُ سيبويه: وإنَّما مَنَعهم أن يَبْنُوه - أي جمع أفعال على أَفْعُل - وهو الجَمْع قبل هذا - كراهِيَة الضمة في الواو، فلمَّا ثَقُل ذلكَ بَنَوْهُ على أَفْعال، أو لأَنَّه على غَير "فَعْل" نحو: "حَمَل" و "أحْمال" و "نمِر" و "أنْمار" و "عضُد" و "أعْضَاد" و "حمْل" و "أحْمَال" و "عنَب" و "أعْناب" و "أبِل" و "أبَال" و "قفْل": "أَقْفَال" و "عنُق": "أَعْناق"، والغالب في فُعَل أن يجيء على "فِعْلاَن" كـ "صُرَدَ" (الصُّرَد: طائر ضخم الرأس) و "صرْدَان" و "جرَذ" و "جرذان".

وأَتى على "أَفْعال" شُذُوذاً "أَحْمال" و "أفْراح" و "أزْنَاد" وقِياسُها: "أَفْعُل"، قال تعالى: {وأُولاتُ الأحْمال} (الآية "٤" من سورة الطلاق "٦٥") وقال الحُطَيئة:

ماذا تَقُولُ لأفْرَاخٍ بذِي مَرَخٍ ... زُغْبِ الحَوَاصِلِ لاَ ماءٌ وَلا شَجَرٌ

(الأفراخ: أراد بهم الأولاد، وذو مرخ: واد كثير شجر المرخ)

وقال الأَعْشَى:

وُجِدتَ إذا أصْلَحُوا خَيرَهم ... وزَنْدُك أَثْقَبُ أزْنَادِهَا

(الزند: العود الأعلى يقدح به النار، والزندة: العود الأسفل و "أثقب" من أثقبَ النار: أي أوقدها)

-٥ الجمعُ على "أَفْعِلَة":

جَمعُ القلة على "أَفْعِلةَ" هو جمع لاسمٍ مُذكَّرٍ رُباعي بِمَدَّةٍ قبلَ الآخرِ نحو: "طَعَامٍ" و "حمَار" و "غراب" و "رغيف" و "عمود"، فتقول: "أَطْعِمَة" و "أحْمِرَةَ" و "أغْرِبَة" و "أرْغِفَة" و "أعْمِدَة" والتُزِمَ بناءُ "أَفْعِلَة" في "فَعَال" بالفتح و "فعَال" بالكسر إذا كانا مُضَعَّفَي اللاَّم أو مُعْتَلَّيْهَا.

فالأول:

كـ "بَتَات" و "زمَام" فتقول في جمعها: "أَبِتَّة" و "أزِمَّة" (الأصل فيهما: أَبْتِتَةٌ وأَزْمِمَة، فالتقى مثلان فنقلت حركةُ أَولهما إلى السَّاكن قبلَهما، ثم أُدْغم أحدُ المِثْلين في الآخر) .

-٦ الجمع على "فِعْلَة":

جَمْعُ القِلةِ على "فِعْلَة" بِكَسْرِ أوَّلِه وسكون ثانيه لا يَطَّردُ في شيء، بلْ سُمِع في سِتَّةِ أَوْزان "فَعَل" كـ "وَلَد" و "فتىً" بفَتْح أوَّلِهما، وثانِيهما "فَعْل" كـ "شَيْخ" و "ثوْر" بفتح أولهما وسكون ثانيهما "فِعَل" كـ "ثِنَى" بكسرِ الثَّاءِ المثَلَّثَة وفَتح النُّون والقَصْر و "فعال" كـ "غزال" بفتح أوَّله و "فعَال" كـ "غُلام" بضم أوَّله و "فعِيل" كـ "صَبيٌّ" و "حضيِّ" و "جليل" بفتح أوَّله وكِسرِ ثانيه، فتقول في جمعها على "فِعْلة": "وِلْدَة" و "فتْيَة" و "شيخَة" و "ثيَرَة" و "وثِنْيَة" و "غزْلَة" و "غلْمَة" و "صبْيَة" و "خصْيَة" و "جلَّة".

وَلِعَدَمِ اِطِّراده قيل (قاله أبو بكر بن السراج) : إنَّه اسمُ جَمْع لا جَمْع.

<<  <  ج: ص:  >  >>