الإدغام:
-١ تعريفه:
هو إدْخالُ أولِ المُتَجانِسين في الآخِر، ويُسمَّى الأَوَّلُ مُدْغِماً والثَّاني مُدْغَماً فيه.
-٢ أقسامه:
ثلاثة أَقْسام: واجبٌ، وجائزٌ، ومُمْتَنِع.
الإِدْغامُ الواجبُ:
يجبُ الإِدْغَامُ إذا تَحَرَّكَ المِثْلاَنِ مَعاً وذلكَ بأَحَدَ عَشَرَ شَرْطاً.
(الأول) : أنْ يَكُونا في كلمةٍ كـ "مَدَّ" أَصلُها "مَدَد" بالفتح و "ملَّ" أصلها: مَلِل بالكَسْرِ. و "حبَّ" أصلها: حَبُبَ بالضم.
(الثاني) أَلاَّ يَتَصَدَّر أَحَدُهُما، فإذا تَصَدَّرَ لَمْ يُدْغَما، نحو: "دَدَن". (الدَّدَن: اللهو) .
(الثالث) : ألاَّ يَتَّصِلَ أَوَّلُهما يمُدْغَم كـ "جُسَّسٍ" جمع جَاسّ. (اسمُ الفاعل من جَسَّ الشيء إذا لَمَسَه) .
(الرابع) : ألاَّ يكونَا في وَزْنِ مُلْحَقٍ، سواء أكان المُلْحَقُ أَحَدَ المِثْلَيْن كـ "قَرْدَدْ" (ما ارتفع من الأرض) أو زَائِداً قَبْل المِثْلَيْن كـ "هَيْلَل" (الهيلل والهيللة: قول لا إله إلاّ الله) . فإن الياءَ مزيدةٌ لإِلحاق بـ "دَحْرَجَ" أو بزيادَةِ أَحَدِ المِثْلَيْن وغيرهِ نحو "اقْعَنْسَسَ" (اقعنسس: تأخر ورجع إلى الخلف) . فإنَّهُ مُلْحَقٌ بـ "احْرَنْجَم" (احرنجم: أراد الأمر قم رجع عنه) . والإِلْحَاقُ حَصَل فيه بالسين الثانية وبالهمزةِ والنونِ.
(الخامس والسادِسُ والسَّابعُ والثَّامنُ) : ألاَّ يكونا - أي المِثْلان - في اسم على "فَعَل" كـ "طَلَلٍ" و "مدَدٍ" أو "فعُل" كـ "ذُلُلٍ" و "جدُدٍ" جمع ذَلُول وجَدِيد أو "فِعَل" كـ " لِمَمٍ" (جمع لِمَّة وهو ما يُلِم بالمَنْكِب من الشَّعَر) . أو "فُعَل" كـ "دُرَرٍ" و "جدَدٍ" جمع جُدَّة (وهي الطريقة في الجبل) ، وفي هذه السبعة الأخيرة يمتنع الإِدغام.
(التاسع) : ألاَّ تكونَ حركةُ ثانِيهما عَارِضةً نحو "اخْصُصَ ابى" الأصل: اخصصْ بالسكون فَنُقِلت حركةُ الهمزةِ إلى السّاكِن قبلَها، فلَمْ يُعْتَدَّ بِعُرُوضِها وبَقي وُجُوبُ الفَكِّ.
(العاشر) : ألاَّ يكون المِثْلانِ يَاءَيْن لازمٌ تَحْريكُ ثانِيهما نحو "حيِيَ" و "عيِيَ".
ولا تاءَين في "افْتَعَل" كـ "اسْتَتَر" و "اقْتَتَل" وفي هذه الصُّوَر الثّلاث يجوزُ الإِدغامَ والفَكُّ، قال تعالى {وَيَحيَى من حَيَّ عَنْ بَيِّنَة} (الآية "٤٢" من سورة الأنفال "٨") .
قرئ "حَيَّ" بالإِدغام والفَكِّ، وتقول في "اسْتَتَر" كـ "اقْتَتَل " بالفكِّ، وإذا أردْتَ الإِدْغام قلت: "سَتَّر" (نقلت حركة التاء الأولى إلى السين أو القاف وأسقطت همزة الوصل للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثم أدغمت التاء في التاء) . و "قتَّل "و "يسَتِّر" و "يقَتِّل".
ب- الإِدغام الجائز:
يجوز الإدغامُ في ثَلاثِ مَسائل:
(الأولى) : إذا كان الفعلُ المَاضي قد افْتُتِحَ بتَاءَين نحو "تَتَبَّع" و "تتَابَعَ" جاز بهما أيضاً الإدغامُ وجَلَبُ همزةِ الوصل، فيقال: "اتَّبَعَ" و "اتَّابَعَ".
(الثانية والثالثة) : أنْ تكونَ الكلمة فِعْلاً مُضَارعاً مَجْزوماً بالسكون أو فِعْلَ أمْرٍ مَبْنَيَّاً على السُّكُونِ فإنَّه يجوزُ فيه الفَكُّ والإدغام، قال تعالى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دينه} (الآية "٢١٧" من سورة البقرة "٢") . فيقرأ بالفك وهو لغةُ الحجاز والإدغام وهو لغةُ تميم، وقال تعالى {واغضُضْ من صَوتِك} (الآية "١٩" من سورة لقمان "٣١") .
وقال جرير:
فَغُضَّ الطَّرفَ إنَّكَ من نمُيَرٍ ... فَلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كِلاَباً
وإذا اتَّصل بالمُدغَم فيه "وَاو "جمْعٍ أو "ياءُ" مُخَاطَبةٍ أو "نونُ "التوكيد نحو "رُدُّوا " و "رُدِّي" و "ردَّنَّ" أَدْغَمَ الحجازيون وغيرهم من العرب.
ج - الإدغامُ المُمتنع:
يَمْتنعُ الإدغام إذا تَحَرَّكَ أولُ المِثْلَين وسَكَنَ الثاني نحو "ظَلِلْتُ " أو كَانَا بالعكس.
أو كان الأولُ هَاءَ سَكْتٍ لأنّ الوَقف عليها مَنْويُّ الثبوت نحو: {مَالِيَهْ، هلك عَنِّي سُلْطَانِيه} (الآية "٢٨، ٢٩" من سورة الحاقة "٦٩") . أو مَدَّةً في الآخر نحو "يُعْطَي يَاسِرُ" و "يدْعُو وائِل" لِئَلا يَذهبَ المدُّ المقصود بسبب الإِدغام، أو همزة منفصِلَة عن الفاء نحو "لم يَقْرأ أحدٌ" فلو كانت متصلة وجب الإدغام نحو "سَال".