للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَيْثُ: وقد تُفْتَح الثَّاءُ كما في سِيبويه، وهو في المكانِ كـ "حِين" في الزَّمان، وقد يَرِدُ للزَّمان، والغالب كونه في محلِّ نصبٍ ظرفَ مَكان، نحو: "اجْلِسْ حيثُ يَنْتَهِي بكَ المَجْلِس" أو خَفْضٍ بـ "مِن" نحو: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ} (الآية "١٤٩" من سورة البقرة "٢") .

ويَقْبُح ابْتداءُ الاسمِ بَعْدَ "حَيثُ" إذا أَوْقَعْتَ الفِعلَ على شَيءٍ من سَبَبِهِ، - أي إذا كان في الفِعل ضَمِيرٌ يَعُودُ على الاسم - والنصبُ في الاسم هو القِياس تَقُولُ: "حَيْثُ زَيْداً تَجِدُهُ فَأكْرمْ أهْلَه".

ويَقْبُح - كما يقولُ سيبويه - إنِ ابْتَدَأْتَ الاسم بعد حيث إذا كان بعده الفعل، لَوْ قلت: "اجْلِسْ حيثُ زَيدٌ جَلَس" كانَ أقبحَ من قولك: اجْلِسْ حَيْثُ يَجْلس وحيثُ جَلَس.

والرفع بعد "حَيْثُ" جَائِزٌ لأَنَّك قد تَبْتَدِئ الأسماءَ بَعْدَه فتقول: اجْلِسْ حيثُ عبدُ الله جَالِسٌ. وقد يُخفَضُ بالإِضَافَةِ، كقول زُهير بنِ أبي سُلْمَى:

فَشَدَّ ولم يُفْزِعْ بُيُوتاً كَثِيرَةً ... لَدَى حيثُ أَلقَتْ رَحْلَها أُمُّ قَشْعَم

وقَدْ يَقَعُ مفعولاً به نحو: {اللَّهُ أعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (الآية "١٢٤" من سورة الأنعام "٦") . وناصِبُها: "يَعْلم" مَحْذُوفاً مدلولاً عليه بأعْلَم، لا بأعلَم المذكورة، لأنَّ أفعل التَّفْضيل لا يَنْصِب المفعولَ به. ويَلْزَمُ "حيثُ" الإضَافَةُ إلى جملةٍ اسْمِيَّةً كانتْ أو فِعْليَّةً، وإضافتها للفِعْلِيَّة أكْثَر، فالاسمِيَّةُ نحو: "فِفْ حَيْثُ أَبُوكَ وَاقِفٌ" والفِعْلِيَّةُ مِثالُها الآية المُتَقَدِّمَة: {حيث يجعلُ رِسالَتَه} .

ونَدَرتْ إضَافَتُهُ إلى المُفرَد كقولِ الشَّاعِر:

وَنَطْعُنُهُم تَحْتَ الحَيَا بعدَ ضَربِهِم ... بِبِيضِ المَوَاضِي حَيْثُ لَيّ العَمَائِم

ويُمكنُ أن يُخرَّجُ عليهِ قولُ الفقهاء "مِنْ حيثُ أنَّ كذا" وإذا اتَّصَلَتْ به "ما" الكافَّةُ ضُمِّنَتْ مَعْنى الشَّرْط وجَزَمَت الفعلين (=حيثما) .

<<  <  ج: ص:  >  >>