ضَميرُ الفَصْلِ الذي لا مَحلَّ لَهُ مِنَ الإعْراب:
-١ قَدْ يَقَعُ الضَّمِيرُ المنفصلُ المرفوعُ في موقعٍ لا يُقْصَدُ به إلاّ الفَصْل بينَ ما هو خبَر وما هو تابع، ولا مَحلَّ له من الإعراب ويقعُ فصلاً بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله مبتدأ وخبر نحو قوله تعالى: {إنْ كانَ هَذَا هوَ الحَقُّ} (الآية "٣٢" من سورة الأنفال "٨") ، {وكُنْتَ اَنْتَ الرقِيبَ} (الآية "١١٧" من سورة المائدة"، {وكُنَّا نَحْنُ الوارِثينَ} (الآية "٥٨"من سورة القصص "٢٨") . فـ "هُوَ" و "أنْتَ" و "نحنُ" ضمائر فصلٍ لا محلَّ لها من الإعراب و "الحَقَّ" في المثل الأول خبر "كان" وفي الثاني "الرَّقِيبَ" خبر"كنتَ" وفي الثالث "الوارثين" خبر "وكُنَّا" ومثله {تَجِدُوهُ عْندَ اللَّه هُوَ خَيْراً} (الآية "٢٠" من سورة القصص "٢٨") فهو ضميرُ فصلٍ لا محلَّ له من الإعرابِ، و "خيرا": مفعولٌ ثانٍ لتَجِدُوهُ، ولضَمِير الفَصْل شروط وفوائد.
-٢ يُشْتَرط فيما قَبْلَه أَمْران:
(١) كونُه مُبْتَدأً في الحَالِ، أو في الأصل نحو {أولئكَ هُمُ المفلحون} (الآية "١٥٧"من سورة الأعراف "٧") .
{كنتَ أنتَ الرقيبَ عليهم} (الآية "١١٧"من سورة المائدة "٥") .
{تجدُوه عندَ اللهِ هُوَ خَيْراً} (الآية "٢٠" من سورة المزمل"٧٣") .
{إنْ تَرَني أنَا أقلَّ مِنْك مَالا وَوَلَداً} (الآية "٣٩" من سورة الكهف "١٨") .
(٢) الثَاني كونُه مَعرفَة كما مثِّل.
-٣ يشترط فيما بعده أمران:
(١) كونُه خبراً لمبتدأٍ في الحال، أو في الأصل.
(٢) كونه معرفةٌ، أو كالمعرفة في أنَّهُ لا يقبل "أل" كما تقَّدم في "خيراً" بآية {تجدوه.} ، و "أقلَّ" بآية {إن ترني.} وشرطُ الذي كالمعرفة أنْ يكونَ (وخالف في ذلك الجرجاني فألحق المضارع بالاسم لتشابههما وجَعل منه {إنه هو يُبْدِئ ويُعيد} وهو عند غيره توكيد أو مبتدأ) واسماً كما مثل.
-٤ يُشْترطُ لَهُ في نَفْسِه أَمْران:
(١) أن يكون بصيغَةِ المَرْفوع فيمتنعُ: زيد إياهُ العالم.
(٢) أن يُطابقَ ما قَبْلَه فلا يجوزُ: كنتُ هو القاضل وإنما "كنتُ أنا الفَاضِلَ" فأمَّا قول جرير:
وكائِنٍ بالَأبَاطِح مِنْ صَدِيقٍ ... يَرَاني لوأُصِبْتُ هو المُصَابَا
وقياسهُ: يرانِي أنا، وأوَّلوا هذا بأوْجه منها: أنَّه ليس فَصلاً، وإنما هو توكيدٌ للفاعل في "يَرَانِي" أي الصديق.
-٥ فوائد ضمير الفصل:
فوائِدُه منها الَّلفْظي، ومنها المعنوي.
أمَّا اللَّفظي: فهو الإعلامُ مِنْ أوَّلِ الأمرِ بأنَّ ما بَعْدَه خَبرٌلا تابع.
وأمَّا المَعْنَويّ: فله فائِدتان:
(الأولى) هي التوكيدُ لذلك بني عليه أنَّه لا يُجامِعُ التَّوكيد، فلا يقال: " زَيدٌ نفسُه هو الفاضل".
(الثانية) هي الاخْتِصاص، وهو أنَّ ما يُنْسَب إلى المُسْنَد إليه ثابتٌ لهُ دون غيره نحو {وأولئك هم المفلحون} . (الآية "٥" من سورة البقرة "٢") .
-٦ محلُّه من الإعراب:
يَقُول البصريُّون: إنه لا محلِّ لهُ من الإعراب، ثُم قال أكثرُهم: إنَّه حرفٌ، وعند الخليل: اسم، غير معمول لِشَيءٍ وقد يَحتمل إعرابُ ضميرِ الفصل أوُجُهاً منها: الفَصْلِيَّة التي لا مَحلَّ لها، والتَّوكيدِ في نحو قوله تعالى: {كنتَ أنتَ الرَّقِيب عَلَيهم} (الآية "١١٧" من سورة المائدة "٥") ، ونحو {إنْ كُنَّا نحْنُ الغَالبين} (الآية "١١٣" من سورة الأعراف "٧") ، ولا وجهَ للإبْتداءُ لانتصاب ما بعده، ومنها:
الفَصْلِية والإبتداءُ في ونحو قوله تعالى: {وإنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّون} (الآية "١٦٥" من سورة الصافات "٣٧") ولا وجْهَ للتوكيد لدُخُول اللام.
ومنها: احْتِمالُ الثَّلاثةِ: الفَصْلِيَّةُ والتَّوكيدِ والإبتداءِ في نحو قوله تعالى: {إنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ} (الآية "١٠٩" من سورة المائدة "٥") .
-٧ ومن مسائل سيبويه في الكتاب "قَْد جرَّبتُكَ فكنتَ أنْتَ أنْتَ".
الضميران: مبتدأ وخبر، والجملة خبر كان، ولو قدرنا الأول فصلاً أو توكيداً لقلنا "أنتَ إيَّاكَ".