للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(تابع ... ١) : العَدَد: ... ...

-١٣ وزنُ "فاعل" من أَعدادِ "اثنَين وعَشرَة وما بَينَهُما":

يجوزُ أن تَصُوغَ من اثنين وعَشْرةَ وَما بَينهما عَلَى وزنِ فَاعِل، فتقول: "ثانٍ وثالث ورَابعٍ. إلى عاشر" أمَّا "الواحد" فقدْ وُضِعَ أصلاً على وَزْنِ فَاعل، فقِيل "وَاحِد ووَاحِدة" ولَنا في العَدد على وَزْنِ الفاعل المذكور أن نَستَعملَه في حُدُودِ سَبْعَةِ أوجُهٍ:

(١) أن تَستَعْملَه مُفرَداً ليُفيدَ الاتِّصَاف بمَعْناه مُجَرَّدَاً فتَقُول: ثَالِثٌ ورَابعٌ.

قال النَّابغَةُ الذبياني:

توَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها ... لستَّةِ أعوامِ ذا العَامُ سابعُ

(٢) أن تستعملَهُ مع أصلِهِ الذي صِيغَ مِنه ليُفيدَ أنَّ المَوْصُوفَ به بَعْضُ بلكَ العِدّة المَعْنيّةِ لا غَير فتقول: "خَامِسُ خَمْسَةٍ" أي بعضُ جَماعَة مُنحَصِرةٍ في خَمسة وحِينَئِذٍ تجبُ إضَافتُهُ إلى أصلِهِ، كما يجبُ إضَافة البَعضِ إلى كله، قال تعالى: {إذْ أخرَجَهُ الذَّين كَفَرُوا ثَانيَ اثنَينِ} (الآية "٤٠" من سورة التوبة "٩") و {لَقَد كَفَرَ الَّذِينَ قالوا إن اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} (الآية "٧٣" من سورة المائدة "٥") . وإذا اجْتمع في المعدود مُذكَّر ومؤنَّث جُعلَ الكَلامُ على التذكير لأنه الأصلُ، تقول: "هذا رابعُ أَربَعةٍ" إذا كان هو وثلاث نسوةٍ.

(٣) أن تستعملَهُ مَع مَا دُونَ أصلِه ليُفيد مَعنى التَّصيير، فتقولُ: "هذا رَابعُ ثَلاثَةٍ" أي جاعلُ الثلاثةِ أَرْبعةً، قال اللهُ تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نجوى ثلاثَةٍ إلاَّ هُوَ رابِعُهُم ولا خَمْسَةٍ إلاَّ هُو سَادِسهُمُ} (الآية "٧" من سورة المجادلة "٥٨") ويجوزُ حينئذٍ إضافَتُهُ، وإعمالُه بالشُّرُوطِ الوارِدَةِ في إعمالِ اسمِ الفاعِلِ، كما يجوزُ الوجهانِ في "جاعل ومُصيِّر" ونحوهما.

ولا يُستَعمَل بهذا الاستعمال "ثانٍ" فَلا يُقالُ "ثاني واحِد" ولا "ثانٍ واحداً" وإنما عَمِل عَمَلَ فاعِلٍ لأنَّ له فعلاً كما أنَّ جاعِلَ كذلك، يقال "كانَ القومُ تسعةً وعشرينَ فَثَلْثَنْتُهُمْ" (قال بعض أهل اللغة "عَشْرن وثَلْثَنَ" إذا صَار له عشرون أو ثلاثون، وكذلك إلى التسعين واسم الفاعل من هذا مُعشِرن ومُتَسِعن) أي صَيَّرتُهم ثلاثين، وهكذا إلى تِسعَةٍ وثَمانِين فَتَسَعْنَتُهمْ أي صَيَّرتُهمْ تسعِينَ.

وإذا أُضِيفَ إلى أَزْيَد منه أَوْ إلى مُساوِيه يَكُونُ بمَعنى الحال نحو: "ثَانِيَ اثْنَين" أو "ثانيَ ثَلاثَة" أي أحَدَ الإثنين، أو أَحَدَ الثلاثة.

(٤) أن تستعْمِلَهُ مع العَشْرَةِ ليُفيدَ الاتِّصَافُ بمعْناه مقيّداً بمصاحبة العَشْرَة، فتقول: "حادِي عَشَر" بتذكيرهما، و "حاديةَ عشَرةَ" بتأنيثهما وكذا نَصْنعُ في البواقي: تُذَكِّرُ اللَّفظَين مع المذكَّرِ، وتُؤَنِّثُهما مع المُؤَنث وحين تستعمل "الواحد" أو "الواحدة" مع العَشرَة، أَوْ مَا فَوْقَها كالعِشْرين فإنَّك تَقْلِبُ فاءَهما إلى مَوطَنَ لامِهِما، وتصِيرُ الواو ياءً، فتقول: "حادٍ وحادِيَة".

(٥) أن تستعمِلَهُ معَ العَشْرَة، ليُفيدَ مَعنى "ثاني اثنَين" وهو انحصارُ العُدَّة فيما ذكر، ولك في هذه الحالة ثلاثةُ أوجُهٍ:

(أحدُها" وهو الأصلُ أنْ تأتيَ بأربعةِ أَلفاظٍ، أوَّلُها: الوصفُ مُرَكَّباً مع العشرة وهذان لَفْظان، وما اشتُق منه الوصف مُرَكَّباً مع العشرة أيضاً، وتُضيفُ جُملَةَ التركيب الأوَّل إلى جُملةِ التركيب الثاني، فتقول: "هذا ثالثَ عَشَرَ ثَلاثَةَ عَشَرَ" و "هذه ثَالِثَةَ عَشَرَة ثَلاثَ عَشَرَة" وهذه الألفاظُ الأَرْبَعة مَبنيةٌ على الفَتح.

(الثاني) العَرَبُ تَسْتَثْقِلُ إضَافتَه على التَّمام لِطُوله، كما تقدَّم، ولذلك حذفوا "عشر" من التركيب الأوَّل استغناءً به في الثاني، وتُعرِبُ الأوّل لزوال التركيب، وتُضيفه إلى التركيب الثاني، فنقول: "هذا ثالثُ ثلاثَةَ عَشَر" و "هذه ثَالِثَةُ ثَلاثَ عَشَرَة" وهذا الوَجه أكثرُ استِعْمالاً.

(الثالث) أن تَحذفَ العَشرة من التركيب الأول، والنَّيِّفَ من الثاني (النيف: كل ما زاد على العقد الثاني) ، وحينئذٍ تُعْربهما لزَوَال مُقتَضى البناء فيهما، فتُجري الأول على حسب العَوامل، وتجر الثاني بالإضافة، فتقول: "جاءني ثالثُ عَشَرٍ" و "رأيتُ ثَالِثَ عَشَرٍ" و "نظرت إلى ثالثِ عشرٍ"

(٦) أنْ تَستعملَه مع العَشْرة لإفادة مَعنى "رابعُ ثلاثة" فتأتي أيضاً بأربعةِ أَلفَاظ ولكن يكونُ الثالث مَنها دونَ ما اشتُقَّ منه الوَصفُ فتَقولُ: "رَابعَ عَشرَ ثَلاثَةَ عَشْر" في المذكَّر، و "رابِعَة عَشْرة ثلاث عَشْرة" في المؤنث، ويَجِبُ أن يكونَ التركيبُ الثاني في موضع الجرِّ ولكَ أَنْ تحذفَ العَشَرَةَ من الأول دون أن تَحذِف النَّيفَ من الثاني للإلباس (أجاز ذلك سيبويه، ومنعه الكوفيون، وأكثر البصريين) . بأن تقول: "رابع ثَلاثَة عَشر" أو "رابعة ثلاث عشرة".

(٧) أن تستعملَهُ مع العشرين وأَخَواتِها فَتُقَدِّمه وتَعْطِف عليه العَقْد بالوَاوِ خاصَّة فتقول: "حَادٍ وعِشْرون" و "حادِية وعِشرون".

-١٤ تعريفُ العَددِ والمُرَكَّب والمَعْطوف:

إذا أُرِيدَ تَعْريفُ العَدَدِ بـ "أل" فإنْ كان مُرَكَّباً عُرِّف صَدْرُه كـ: "الخَمسة عَشَر" وإنْ كان مُضَافاً عُرِّف عَجْزُه كـ "خَمسةِ الرِّجال" و "ستة آلافِ الدَّرهِم" هذا هو الصواب والفصيح.

قال ذو الرُّمة:

أَمَنزِلَتَي مَيٍّ سَلامٌ عَلَيْكما ... هَلِ الأَزْمنُ اللاّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ

وهل يَرجعُ التسليمَ أو يَدْفُع البُكا ... ثلاثُ الأثافي والرُّسُوم البَلاقعُ

(البلاقع: جمع بَلْقع: الأرض القفر التي لا شيء فيها) .

وقال الفرزدق:

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاه إزَارَه ... ودَنَا فأدْركَ خَمْسَة الأَشْبارِ

(البلاقع: جمع بَلْقع: الأرض القفر التي لا شيء فيها) .

وبعضهم (يقال للرجال الذي بلغ الغاية في الفضائل: أدرك خمسة الأَشْبار وهو مثل) يُعرَّفُ الجُزْأين، فيقول: "الخمسةُ الرجال" و "الثلاثةُ الأشهر". وإنْ كان معطوفاً عُرِّف جزآه معاً كـ "الأربعة والأربعين" ونظمَ ذلك الأجْمهوري فقال:

وعَدداً تُريدُ أن تُعَرَّفا ... فَأَلْ بِجُزْأيه صِلَنْ إنْ عُطِفا

وإن يَكُوْ مُرَكَّباً فالأوَّل ... وفي مًضاف عَكْسُ هذا يُفعل

وخالَفَ الكوفيُّ في هذين ... وفيهما قَدْ عَرَّفَ الجُزْأَينَ

-١٥ ضبطً العَشْرَة:

يَجُوزُ في "عَشْرَة" تَسْكينُ الشين تَحْرِيْكُها إذا كانَتْ مع تاء غير مُرَكَّبَةٍ وأمَّا شين "أَحَدَ عَشرَ" إلى "تسعة عشَر" فمفتوحة لا غير.

-١٦ العدَدُ في التَّأريخ:

إذا أرادوا التاريخ قالو للعشرِ ومَا دُونها خَلَوْنَ وبقينَ، فقالوا: "لتسعِ ليالٍ بقينَ" و "ثمانِ ليالٍ خلونُ" لأنَّهم بينون بجمع وقالوا لما فوق العشرة: "خلت" و "بقيتْ"لأنَّهم بيَّنون بِمُفْرد فقالوا لـ "إحْدَى عَشَرة لَيلَة خَلتْ" و "ثلاثَ عَشَرة لَيْلة (وإنما أرخ بالليالي دون الأيام، لأن الليلة أول الشهر فلو أرخ باليوم دون الليلة لذهب من الشهر ليلة) بقيت". ويقال في التاريخ أو الشهر "كتب لأوَّل ليلة منه" أو "لغُرَّته" أو "مَهِلَّه" أو "مُستَهَلَّه". ويؤرِّخ آخراً فيقال: "لآخِرِ لَيلَةٍ بَقِيَتْ منه" أو "سِرَاره" أو "سَرَرِه" أو "سَلْخِه" أو "انْسِلاخِه".

-١٧ ما جَاءَ على وَزْن "العَشِير" من الأعداد:

قال أبو عبيد:

يقال: ثَلِيثٌ وخَمِيسٌ وسَدِيس وسَبِيع - والجمع أسْباع - وثَمِين وتَسِيع، وعَشِير، والمرادُ منها: الثُلُثُ والخُمُس والسُّدُس والسُّبع والثُمن والتُّسع والعُشْر.

قال أبو زيد: لم يعرفوا الخميس ولا الربع ولا الثليث.

وأنشد أبو عبيد:

ألْقيتُ سَهْمي وَسْطُهُم حين أو خَشوا ... فما صارَ لي في القَسْم إلا ثَمِينُها

أي ثُمْنها.

-١٨ أفعال مشتقة من العدد:

تَقُول: كان القوم وِتْراً فَشَفَعْتُهم شَفْعاُ، وكانوا شَفْعاً فَوَتَرْتُهُم وَتراً، بقول ثَلَثتُ القوم أَثْلِثُهُمْ ثُلْثَاً: إذا كنتَ لهم ثالثاً، وتقول: كانوا ثَلاثاً فَرَبَعْتُهم، أي صِرتُ رابعَهم، وكانوا أَرْبَعَةً فخَمَستُهُم. إلى العَشَرة، وفي يفعِل، قلت: يَثلِثُ ويَخمِس إلى العشرة، وكذلِكَ إذا أخَذْتَ الثُّلثُ من أَمْوالِهم، قلت: ثَلَثْتُهم ثَلْثاً، وف الرُّبع رَبَعْتُهم، إلى العُشْر مثله، وفي الأموال: يثلُث يَخمُسُ إلى العُشر إلاَّ ثلاث كلمات فإنها بالفتح في الموضعين يَرْبَع، ويَسْبَع، ويَتْسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>