(يروى بنصب "جهده" على المفعولية بـ "يبلغ"، ويَرفعه على الفاعلية وفيه الشاهد فإن "جُهدَه" متصل بضمير يعود على "الحجَّاجُ" الذي هو اسمُ "عَسَى". وحفيرُ زيادٍ: على خمْس لَيالٍ مِنَ البَصْرة) .
وشَذَّ مجيء خبر "عَسَى" مفرداً كقولهم في المَثَلِ "عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً" (الغوير: تصغير غار، وهو ماء لقبيلة كلب، "أبؤساً" جمع بؤس وهو العذاب والشدة، ومعناه: لعل الشر يأتيكم من قبل الغوير، قالت هذا المثل: الزباء، ويضرب للرجل يتوقع الشر من جهة بعيها، والشاهد فيه "أبؤساً" فقد أتى خبراً لعسى وهو مفرد، وهو شاذ، ويرى ابن هشام في "المغني": أن الصاب أنه مما حذف فيه يكون، أي يكون أبؤساً لأن في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الأصلي) ، والغالب اقترانُ الخبر بـ "أَنْ" بَعْدَ عَسَى.
(الثاني) التَّامة وتختَصُّ "عَسَى واخْلَوْلَقَ وأَوْشَكَ" بجوازِ إسنادِهِنَّ إلى "أَنْ يَفْعَلَ" ولا تحتاجُ إلى خَبَرٍ مَنصوبٍ فتكونُ تامَّةً نحو {وَعَسَى أن تَكْرَهُوا شَيْئاً} (الآية "٢١٦" من سورة البقرة "٢") ، ويجوزُ في "عَسَى" كسُر سِينِها بشرط أن تسندَ إلى "التاء أو النون أو نا" نحو {قالَ هَلْ عَسِيتُمْ إنْ كُتِبَ عَلَيْكُم القِتالُ} (الآية "٢٤٦" من سورة البقرة "٢") قرئ بالكسرِ والفتح والمختار الفتح.
(الثالث) يشتمل عن الضربين الأول والثاني، وذلك نحو قولك:"عبدُ الله عَسَى أن يُفلِح" إن شِئتَ جَعَلْتَها على الضَّربِ الأَول وهو أن يكون اسمُ عَسَى يَعود على عبدِ الله الذِّي هو مُبتدأ و "أن يفْلِحَ" في تَأويلِ المَصْدرِ خَبَر عَسَى.
وإنْ شِئْت جَعلتَ "أن يفلح" في تأويل المصدر فاعلَ عَسَى، وجملة عَسَى مع فَاعِله خبرٌ للمُبتدأ وهو عبدُ الله.