للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَسَى: هِيَ فِعْلٌ غَيْرُ مُتَصَرِّفٍ، ومَعْناه:

المُقَارَبَةُ عَلَى سبيلِ التَّرجِّي، وهي على ذَلِكَ ثلاثةِ أضْرُبٍ:

(الأول) أو تَكونَ بمَنْزِلَةِ كَانَ النَّاقِصَةِ، فتحتاجُ إلى اسْمٍ وخَبَرٍ، ولا يَكُونُ الخَبَرُ إلاَّ فِعْلاً مُسْتَقْبَلاً مَشْفُوعاً بأنْ النّاصِبَةِ، قال اللَّه تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أنْ يَأتِيَ بالفَتْح} فلَفْظ الجلالة: اسم عسى، و "أنْ يَأتِيَ" في تأويل المَصْدرِ خَبَرُ عَسَى وفي أنْ يأيِيَ ضميرٌ يَعُودُ على الاسم، نحو "عَسَى الفرجُ أَنْ يأتيَ" ويجوز في عَسَى خَاصَّةً دُونَ أخَوَاتها أنْ تَرْفَع السَّبَبِيَّ - وهو الاسمُ الظّاهِرُ المضاف إلى ضميرٍ يَعُودُ على اسمها - كقولِ الفَرَزْدَق حينَ هَربَ مِنَ الحجَّاجِ لمَّا تَوَعَّدَهُ بالقَتْلِ:

وَمَاذا عَسَى الحَجَّاجُ يَبْلغُ جُهْدُهُ ... إذا نحنُ جاوَزْنا حَفير زِيادِ

(يروى بنصب "جهده" على المفعولية بـ "يبلغ"، ويَرفعه على الفاعلية وفيه الشاهد فإن "جُهدَه" متصل بضمير يعود على "الحجَّاجُ" الذي هو اسمُ "عَسَى". وحفيرُ زيادٍ: على خمْس لَيالٍ مِنَ البَصْرة) .

وشَذَّ مجيء خبر "عَسَى" مفرداً كقولهم في المَثَلِ "عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً" (الغوير: تصغير غار، وهو ماء لقبيلة كلب، "أبؤساً" جمع بؤس وهو العذاب والشدة، ومعناه: لعل الشر يأتيكم من قبل الغوير، قالت هذا المثل: الزباء، ويضرب للرجل يتوقع الشر من جهة بعيها، والشاهد فيه "أبؤساً" فقد أتى خبراً لعسى وهو مفرد، وهو شاذ، ويرى ابن هشام في "المغني": أن الصاب أنه مما حذف فيه يكون، أي يكون أبؤساً لأن في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الأصلي) ، والغالب اقترانُ الخبر بـ "أَنْ" بَعْدَ عَسَى.

(الثاني) التَّامة وتختَصُّ "عَسَى واخْلَوْلَقَ وأَوْشَكَ" بجوازِ إسنادِهِنَّ إلى "أَنْ يَفْعَلَ" ولا تحتاجُ إلى خَبَرٍ مَنصوبٍ فتكونُ تامَّةً نحو {وَعَسَى أن تَكْرَهُوا شَيْئاً} (الآية "٢١٦" من سورة البقرة "٢") ، ويجوزُ في "عَسَى" كسُر سِينِها بشرط أن تسندَ إلى "التاء أو النون أو نا" نحو {قالَ هَلْ عَسِيتُمْ إنْ كُتِبَ عَلَيْكُم القِتالُ} (الآية "٢٤٦" من سورة البقرة "٢") قرئ بالكسرِ والفتح والمختار الفتح.

(الثالث) يشتمل عن الضربين الأول والثاني، وذلك نحو قولك: "عبدُ الله عَسَى أن يُفلِح" إن شِئتَ جَعَلْتَها على الضَّربِ الأَول وهو أن يكون اسمُ عَسَى يَعود على عبدِ الله الذِّي هو مُبتدأ و "أن يفْلِحَ" في تَأويلِ المَصْدرِ خَبَر عَسَى.

وإنْ شِئْت جَعلتَ "أن يفلح" في تأويل المصدر فاعلَ عَسَى، وجملة عَسَى مع فَاعِله خبرٌ للمُبتدأ وهو عبدُ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>