للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا بَرِحَ:

(١) أصْلُ مَعْنى "بَرِحَ" مِنْ "بَرِحَ المَكَان" زَالَ عنه، فلما جاءَتْ "مَا" النافيةُ أفادتْ معنى: بَقِيَ.

وهِي مِنْ أَخَواتِ "كانَ" وأَحْكَامها كأحْكَامها وهي نَاقِصَةُ التَّصَرُّفِ، فلا يُستَعْمَلُ مِنْها أمْرٌ ولا مَصدَرٌ، ولا تَعْملُ إلاَّ بِشَرْطِ انْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا: "نَفْيٌ أوْ نَهْيٌ أوْ دُعاءٌ". مِثَالها بعد النَّفي بالحَرْف {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِين} (الآية "٩١" من سورة طه "٢٠") ومنه قولُ امرِئ القَيْس:

فَقُلتُ يَمينُ اللهِ أبْرَحُ قَاعِداً ... وَلَوْ قَطَعُوا رَأسي لَديْكِ وأَوْصَالي

(أبرح هنا على تقدير "لا أبْرحُ" لوجود القسم، ولو أراد الإثبات لقال: لأبْرحَنَّ) .

ومِثالُها بَعْدَ النَّفْي بالفِعلِ قولُه:

قَلَّما يَبْرَحُ اللَّبِيبُ إلى مَا ... يُورِثُ الحمدَ دَاعِياً أو مُجِيبا

(قلما هنا بمعنى النفي لا القلة، والمراد المبالغة بالقلة حتى تصير نفياً، ولذا ينصب المضارع بأن مضمره بعد فاء السببية إذا تقدمت قلما) .

وتنفردً "ما برحَ" عن كان: بأنها لا يجُوزُ تقديمُ خبرِها عليها.

(٢) وقد تَأْتِي تَامَّةً بمعنى ذَهَبَ نحو {وَإذْ قَالَ مُوسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ} (الآية "٦١" من سورة الكهف "١٨") أي لاَ أَذْهَبُ.

(=كان وأخواتها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>