للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمْ المُنْقَطِعَةُ:

هي بِمَعْنَى "بَلْ" ولَمْ يُرِيدُوا بذلكَ أنَّ مَا بَعْد "أمْ" مُحَقَّقٌ، كَمَا يَكُون مَا بَعْدَ "بَلْ" مُحَقَّقاً، وإنما أرَادُوا أَنَّ أمْ المُنْقَطِعَة استِفْهَامٌ مُسْتَأَنَفٌ بَعْدَ كَلامٍ يَتَقَدَّمُهَا، تقول: "أحَسَنٌ عِنْدَكَ أمْ عِنْدَكَ حُسَينٌ". وتقع أم المُنْقَطِعة بين جملتين مُسْتَقِلَّتَيْن يقولُ الرجل: "إنَّها لإِبِلٌ أمْ شَاْءٌ يا قوم" أي أمْ هِيَ شَاءٌ، وبِمَنْزِلَةِ أمْ هَهَنا قولُهُ تعالى: {آلم تَنْزِيلُ الكِتَابِ لا رَيْبَ فيه مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ أمْ يَقُولُونَ افْتَراه} (الآية "١ - ٢" من سورة السجدة "٣٢") أي بل يَقولون افْتَراه. ومثل ذلك: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهَذِه الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أفَلا تُبْصرُون، أَمْ أَنَا خَيرٌ مِنْ هذا الَّذِي هُو مَهِينٌ} (الآية "٥١ - ٥٢" من سورة الزخرف "٤٣") . كأنَّ فِرْعَون يقول: أفلا تُبْصِرُون أم أنتُم بُصُراء.

ومن ذلك أيضاً: "أعنْدَكَ عبدُ اللَّهِ أمْ لا". ومِثْلُ ذلِكَ قَوْلُ الأَخْطَل:

كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأيتَ بواسطٍ ... غَلَسَ الظَّلام مِنَ الرَّبابِ خَيَالاً

(كذبت عينك: خيل إليك، ثم رجع فقال: أم رأيت بواسط خيالاً وواسط: مكان بين البصرة والكوفة)

ويَجوزُ في الشعر أنْ يُريدَ بكَذَبَتْك الاسْتِفْهَامَ ويحْذِفُ الألِفَ والدليل على ذلكَ وجودُ أم.

<<  <  ج: ص:  >  >>