واختلف في كيفية الأسراء فالأكثرون من طوائف المسلمين اتفقوا على أنه أسرى بجسد رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) والأقلون قالوا أنه ما أسرى إلا بروحه. حكى عن محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن حذيفة أنه قال ذلك رُؤيا وأنه ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أسرى بروجه حكى هذا القول أيضا عن عائشة رضي الله عنها وعن معاوية رضي الله عنه وحديث عائشةليس بالثابت لأنها لم تكن حينئذ زودجته. قال النسفى وكان الأسراء في اليقظة وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت والله ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن عرج بروحه. وعن معاوية مثله وعلى الأول الجمهور إذ لا فضيلة للحالم ولا مزية للنائم.
ومما قاله الفخر الرازي في تفسيره: قال أهل التحقيق إن الذي يدل على أنه تعالى أسرى بروح محمد وجسده من مكة إلى المسجد الأقصى القرآن والخبر. أما القرآن فهذه الآية وتقرير الدليل أن العبد اسم لمجموع الجسد والروح فوجب أن يكون الأسراء حاصلا لمجموع الجسد والروح الخ. وأما الخبر فهو الحديث المروى في الصحاح وهو مشهور وهو يدل على الذهاب من مكة إلى بيت المقدس ثم منه إلى السموات اه.
والمعراج به صلى الله عليه وسلم إلى السموات ليطلع على عجائب الملكوت كما قال تعالى:{لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} والا فالله تعالى لا يحويه زمان ولامكان ورأى ربه تلك الليلة وأوحى إلى عبده ما أوحى وفرض عليه خمس صلوات وجمع له الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصلى بهم في بيت المقدس ثم استقبلوه في السموات ورجع صلى الله عليه وسلم من ليلته إلى مكة.
(١) وفي الشفا للقاضي عياض: ذهب معظتم السلف والمسلمين إلى أنه اسراء بالجسد وفي اليقظة وهذا هو الحق وهذا قول ابنعباس وجابر وأنس وحذيفة وعمر وأبي هريرة ومالك بن صعصعة وأبي حبة البدري وابن مسعود والضحاك وسعيد بن جبير وقتادة وابن المسيب وابن شهاب وابن زيد والحسن وإبراهيم ومسروق ومجاهد وعكرمة وابن جريج.