للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كان عبد الله بن سلام كما قال بعض أهله عنه حبرا عالماً. قال سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا نتوكف له فكنت مسرا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما نزل بقباء في بين عمرو بن عوف أقبل رجل حتى أخبر بقدومه وأنا في رأسي نخلة لي أعمل فيها وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرت فقالت لي عمتي حين سمعت تكبيري خيبك الله والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادما ما زدت. قال قلت لها أي عمة هو والله أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث بما بعث به. فقالت أي ابن أخي أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة؟ قلت لها نعم. قالت فذاك إذا. قال ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ثم رجعت إلى أهل بيتي فأمرتهم فأسلموا وكتمت اسلامي من يهود. ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن يهود قوم بهت وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك فتغيبني عنهم ثم تسألهم عني حتى يخبروك كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بأسلامي فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني فأدخلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض بيوته ودخلوا عليه فكلموه وسألوه ثم قال لهم: أي رجل الحصين بن سلام فيكم؟ قالوا سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا. قال فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم فقلت لهم يا معشر يهود اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به فوالله إنكم لتعلمون أنه لرسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة باسمه وصفته فإني أشهد أنه رسول الله وأومن به وأصدقه وأعرفه. قالوا كذبت ثم وقعوا بي فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أخبرك يا نبي الله أنهم قوم بهت أهل غدر وكذب! قال فأظهرت اسلامي واسلام أهل بيتي وأسلمت عمتي خالدة ابنة الحارث فحسن اسلامها (١) .

وذكرت دائرة المعارف الإسلامية أنه كان من يهود المدينة واسمه الحصين وسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله لما اسلم وأنه توفي ٤٣ هـ (٦٦٣-٦٦٤ م) .

وقد كان عبد الله بن سلام حليفا لبني الخزرج كنيته أبو يوسف كنى بابنه وهو من بني قينقاع وكان اسمه في الجاهلية حصينا ونزل في فضله قوله تعالى {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي اسْرَائِيلَ عَلى مِثْلِه فآمَنَ وَاسْتَكْبرْتُمْ} وقول الله تعالى {قُلْ كَفَي بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابَ} (٢) .

وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه. قال بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأتاه. فقال: اني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي قال ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرني بهن آنفاً جبريل قال فقال عبد الله ذاك عدو اليهود من الملائكة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت (٣) . وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشى المرأة فسبقه ماؤه كان الشبه لهم وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها. قال أشهد أنك رسول الله: الحديث.


(١) راجع الجزء الثاني من السيرة النبوية لابن هشام.
(٢) راجع كتاب تهذيب الأسماء ص ٣٤٧ ٣٤٨ طبع أوربا.
(٣) هي قطعة متعلقة بالكبد وهي أطيبه قيل هي أهنأ طعام وأمرؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>