للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر صفر في السنة الثانية من الهجرة وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كفار قريش ثلاث عشرة سنة إلى نبذ الأصنام وعبادة الله الواحد بغير قتال صابراً على شدة أذى العرب فهم لم يزدادوا الا تعنتا وتعسفاً واضطهدوا النبي وأصحابه اضطهاداً شديداً وألجأوهم إلى هجر بلادهم وترك أموالهم وكان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إليه ما بين مضروب ومشجوج فيقول لهم اصبروا فاني لم أومر بقتالهم. وقال جماعة من الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف والمقداد بن الأسود وقدامة بن مظعون (وهو أخو عثمان بن مظعون) وسعد بن أبي وقاص يا رسول الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة فائذن لنا في قتال هؤلاء. فقال كفوا أيديكم عنهم فاني لم أومر بقتالهم.

لم يبق بعد ذلك غير استعمال السلاح للدفاع عن كيانهم والتغلب على عبدة الأصنام فالمسألة صارت مسألة حياة أو موت فاما انتصار يحقق نشر الدين أو انكسار لا تقوم للمسلمين بعده قائمة، ولو تمكنت قريش من مهاجمة المدينة والأنتصار على المسلمين لكان في ذلك القضاء على الاسلام، وكان المسيحيون في الأمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت يقاتلون الفرس وينتصرون عليهم.

لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكثر أتباعه وقام الأنصار بنصره صلى الله عليه وسلم وأصر المشركون على الكفر والتكذيب أذن لهم بالقتال فبعث عليه السلام البعوث وغزا بنفسه.

وأول ما أنزل في أمر القتال قوله تعالى في سورة الحج:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بأَنَّهُمْ ظَلِمُوا وَإنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلله عاقِبَهُ الْأُمُورِ} .

هذا أول ما أنزل في الأذن بالقتال بعد مانهى عنه في نيف وسبعين آية.

<<  <  ج: ص:  >  >>