-بعد أن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض وأقبل نفر من قريش حتى وردوا حوضه صلى الله عليه وسلم فقال دعوهم فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل إلا حكيم بن حزام فإنه أسلم. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يحملوا على المشركين حتى يأمرهم وكان صلى الله عليه وسلم قد أخذته سنة من النوم فاستيقظ وقد اراه إياهم من منامه قليلا فأخبر أصحابه فكان تثبيتا لهم ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرض المؤمنين وأخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريش وقال شاهدت الوجوه ونفخهم بها ثم أمر أصحابه فقال شدوا فكانت الهزيمة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في العريش يوم بدر اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم أن تعلك هذه العصابة اليوم فلا تعبد وفي رواية أن تهلك هذه العصابة من أهل الإيمان اليوم فلا تعبد في الأرض.
وروى النسائي والحاكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قاتلت يوم بدر شيئا من قتال ثم جئت لاستكشاف حال النبي صلى الله عليه وسلم فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده "يا حي يا قيوم" لا يزيد على ذلك فرجعت فقاتلت ثم جئت فوجدته كذلك فعل ذلك أربع مرات وقال في الرابعة ففتح عليه.
لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر. وقال والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام الأنصاري وبيده تمرات يأكلهن "بخ. بخ. ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء. ثم ألقى التمرات من يده وقاتل حتى قتل. ورُمي مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل فكان أول قتيل. ثم رمي حارثة بن سراقة الأنصاري فقتل. وقاتل عوف بن العفراء حتى قتل. واقتتل الناس اقتتالا شديداً فانهزم المشركون فقتل من قتل منهم وأسر من أسر. كان بدء القتال في الصباح وكانت الهزيمة في الظهر. وقتل عمرو بن الحمام فكان أول قتيل من الأنصار.
وفي يوم بدر دعا أبو بكر الصديق ابنه عبد الرحمن إلى المبارزة وكان أسن أولاده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "متعنا بنفسك أما علمت أنك مني بمنزلة سمعي وبصري" ثم أسلم عبد الرحمن في هدنة الحديبية.
وقتل أبو عبيدة بن الجراح أباه وكان مشركا
وقتل بلالٌ أميةَ بن خلف الجمحي صديق عبد الرحمن بن عوف في الجاهلية لأنه كان يعذبه بمكة على أن يترك الإسلام (١) . وكان ابن عفراء ضرب أبا جهل حتى أثبته وقطع ابن الجموح رجله. فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بأن يلتمسوا أبا جهل في القتلى خرج معهم عبد الله بن مسعود فوجده وهو بآخر رمق فوضع رجله على عنقه وحز رأسه وحمل رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد القاء الرأس بين يديه خرج يمشي مع ابن مسعود حتى أوقفه على أبي جهل. فقال: الحمد لله الذي أخزاك يا عدو رسول الله. هذا كان فرعون هذه الأمة ورأس قاعدة الكفر قال ابن مسعود ونفلني سيفه وكان قصيرا عريضا فيه قبائع فضة وحلق فضة.