للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-قال يا رسول الله قد كذبوك وأخرجوك وقاتلوك ما أرى م رأى أبو بكر. ولكني أرى أن تمكنني من (فلان) قريب لعمر فاضرب عنقه وتمكن علياً من عقيل أخيه فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من العباس أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم أنه ليس في قلوبنا رحمة على المشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم. وعلى كل حال كان رأي عمر ضرب أعناق الأسرى فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما علي رضي الله عنه فلم يذكر عنه جواب مع أنه أحد الثلاثة المستشارين. قال العلامة الزرقاني لأنه لما رأى تغير المصطفى صلى الله عليه وسلم حين اختلف الشيخان لم يجب أو لم تظهر له مصلحة حتى يذكرها.

وكان رأي عبد الله بن رواحة احراقهم في واد كثير الحطب.

لكن رسول الله أخذ برأي أبي بكر رضي الله عنه. وقال لا يفلتن أحد منهم إلا بفداء أو ضرب عنق. وأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخشنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَالله يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ الله سَبَقَ لَمَسّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله غَفُور رَحِيم} فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم ولو نزل العذاب ما أفلت منه إلا ابن الخطاب. ولم يقل وابن رواحة لأنه أشار باضرام النار وليس بشرع.

وهذه الآية لرأي عمر رضي الله عنه. وهذا من المواضع التي جاء القرآن فيها موافقاً لقول عمر رضي الله عنه وهي كثيرة نحو بضع وثلاثين أفردت بالتأليف.

ولما استقر الأمر على الفداء فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسرى في أصحابه. وكان أول أسير فدى أبو وداعة الحارث. فداه ابنه المطلب (وكان كيساً تاجراً) بأربعة آلاف درهم ثم أسلم وقد عده بعضهم من الصحابة. وعند ذلك بعثت قريش في فداء الأسارى. وكان الفداء فيهم على قدر أموالهم وكان من أربعة آلاف درهم إلى ثلاثة إلى ألفين إلى ألف.

وكان من الأسرى أبو العاص بن الربيع فإنه أسلم بعد ذلك وهو زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها. وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد رضي الله عنها أخت خديجة أم المؤمنين. ولم يكن في ذلك الوقت تزوج الكافر بالمسلمة محرماً، وإنما حرم ذلك بعد لأن الأحكام إنما شرعت بالتدريج.

وقدمت زينب المدينة بعد شهر من بدر. وقد جاء بها زيد بن حارثة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أسلم زوجها وهاجر وردها إليه صلى الله عليه وسلم بغير عقد بل بالنكاح الأول. وقيل عقد عليها قعد آخر وولدت له (أمامة) التي كان يحملها صلى الله عليه وسلم على ظهره وهو يصلي. ثم لما كبرت تزوجها علي رضي الله عنه بعد خالتها فاطمة رضي الله عنها بوصية من فاطمة لعلي بذلك.

ومنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من الأسرى بغير فداء منهم أبو عزة عمرو الجمحي الشاعر. وقد كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بشعره. فقال: يا رسول الله إني فقير وذو عيال وحاجة قد عرفتها فأمنن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلقه وأخذ عليه عهدا أن لا يظاهر عليه أحداً. ولما وصل إلى مكة قال سحرت محمداً ورجع لما كان عليه من الإيذاء بشعره ولما كان يوم أحد خرج مع المشركين يحرض على قتال المسلمين بشعره فأسر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه. فقال: اعتقني وأطلقني فإني تائب. فقال صلى الله عليه وسلم "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" فضربت عنقه وحمل رأس إلى المدينة وأنزل الله فيه {وَإنْ يُرِيدُوا خِياَنَتَكَ فَقَدْ خَانُوا الله مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهمْ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>