للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من بدل لم يقم إلا سبع ليالي حتى غزا بنفسه يريد بني سليم واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وهو من مشاهير الصحابة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم (١) . وكان لواؤه أبيض حمله علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء من مياههم يقال له (الكدر (٢)) فأقام صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا وارتفع القوم وهربوا وبقيت نعمهم فظفر بها صلى الله عليه وسلم وانحدر بها إلى المدينة وقسمها بصرار على ثلاثة أميال من المدينة وكانت خمسمائة بعير. وكانت مدة غيبته خمس عشرة ليلة


(١) ابن أم مكتوم هو عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم. مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمه أم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة بن عامر بن مخزوم وهو ابن خال خديجة بنت خويلد فإن أم خديجة رضي الله عنها فاطمة بنت زائدة بن الأصم. هاجر إلى المدينة واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته على الصلاة فقط لأنه كان أعمى وقضاء الاعمى غير صحيح. وشهد ابن أم مكتوم فتح القادسية ومعه اللواء. قيل أنه قتل بالقادسية شهيدا وقيل أنه رجع إلى المدينة فمات بها.
وهو الأعمى الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه في قوله {عبس وتولى أن جاءه الأعمى} وأجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى هو الرسول عليه الصلاة والسلام وأجمعوا أن الأعمى هو ابن أم مكتوم. أتى رسول الله ابن أم مكتوم وعنده صنادين قريش يدعوهم إلى الأسلام رجاء ان يسلم باسلامهم غيرهم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم اقرئني وعلمني مما علمك الله وكرر ذلك فكره رسول الله قطعه لكلامه وأعرض عنه فنزلت هذه الآية. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه يقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول هل لك من حاجة، ولا شك أن في استخلافه للمدينة اكراما له.
(٢) الكدر جمع أكدر قرقرة القدر. قال الواقدي. بناحية المعدن قريبة من الأرحضية بينها وبين المدينة ثمانية برد. وقال غيره ماء لبنى سليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>