للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة من السنة الثانية من الهجرة (ابريل سنة ٦٢٤ م) وولى تلك الحجة المشركون من تلك السنة. وكان أبو سفيان حين رجع إلى مكة نذر أن لا يمس رأسه من جنابة حتى يغزو محمداً صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه (١) فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له نيب من المدينة على بريد أو نحوه. ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير ليلا فأتى حُيي بن أخطب فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له وخافه فأنصرفه عنه إلى سلاّم بن مِشكم وكان سيد بني النضير في زمانه وصاحب كنزهم فأستذن عليه فأذن له فقراه وسقاه خمرا وبطن له من خبر الناس. ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه فبعث رجالا من قريش إلى المدينة فأتوى ناحية منها يقال لها العريض فحرقوا في أصوار من نخل بها ووجدوا بها معبد بن عمرو الأنصاري وحليفا له في حرث لهما فقتلوهما ثم انصرفوا راجعين ونذر بهم الناس.

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم في ٢٠٠ من المهاجرين والأنصار واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر (وهو أبو لبابة) حتى بلغ قرقرة الكُدر. ثم انصرف راجعا وقد فاته أبو سفيان وأصحابه وقد رأوا أزواداً من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها النجاة. فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ قال نعم.

وإنما سميت "غزوة السويق" لأن ما أكثر ما طرح القوم من أزوادهم "السويق" فرجع المسلمون بسويق كثير فسميت (غزوة السويق) .

والظاهر أن أبا سفيان أراد بهذه الغزوة أن يبر يمينه فقط لأنه لا يتصور أنه كان يريد بهذه القوة الصغيرة (٢٠٠ راكب) الإنتصار على المسلمين في هذه الغزوة بعد أن شاهد قوتهم في غزوة بدر.

لذلك كانت هذه مناوشة لا قيمة لها.


(١) الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية بقية دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كما بقي فيهم الحج والنكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>