للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-ولما سمع مُحَيّصة بن مسعود ذلك من رسول الله وثب على ابن سُنَيْنَةَ اليهودي وهو من تجار يهود فقتله فقال له أخوه حُوَيَّصة وهو مشرك يا عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله وضربه. فقال محّيصة لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك قال فوالله لئن كان لأول اسلام حويصة فقال إن دينا قد بلغ بك ما أرى لعجب. ثم أسلم.

هذ قصة مقتل كعب بن الأشرف ذكرنا ملخصها من أوثق المصادر التاريخية وقد استنكر بعض الأفرنج الذين كتبوا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم اغتيال كعب بأمر رسول الله. لكن كعبا هو الذي أساء إلى نفسه إذ قد ساقه الغرور إلى ارتكاب متن الشطط بعداء النبي معتمداً على ثروته وجاهه وشعره فإنه بعد أن عاهد النبي مع من عاهده من اليهود نقض العهد ونشط يهجو رسول الله والمسلمين بأشعاره ورحل إلى مكة يبث الدعوة للقتال فإذا ما عاد إلى المدينة تغزل بنساء المسلمين. ولا ريب أن ذلك كله يوغر الصدور والعرب لا يغفرون لمن يرمي نساءهم بسوء. ومن هذا نرى أنه كان عرضة للقتل بيد كل من يغار على حريمه ودينه من المسلمين.

ذكرنا مقتل كعب بن الأشرف قبل موقعة أحد لأن سرية محمد بن مسلمة كانت في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة وغزوة أحد في شوال من هذا السنة. ذلك أن كعباً لما جاء البشيران اللذان أرسلهما رسول الله ليزفا إلى المسلمين خبر انتصارهم في بدر وقتل من قتل وأسر من أسر من أشراف قريش لم يصدقهما فلما سأل الناس وتثبت من صح الخبر رحل إلى مكة وأخذ يحرض قريشا على قتال المسلمين بأشعاره طارقا أبوابهم ثم رجع إلى المدينة يشبب بنساء المسلمين فأمر رسول الله بقتله فقتل وقد حدث ذلك بعد موقعة بدر وقبل أحد اذ الذي دفعه إلى الرحيل إلى مكة واظهار عدائه شدة تغيظه من انهزام المشركين وانتصار المسلمين ذلك الأنتصار المبين. وقد ذكر ابن هشام وابن الأثير وابن سعد في طبقاته وفي كتاب السير للأمام أبي العباس مقتل كعب قبل أحد وكذلك أورده الطبري قبل أحد مع حوادث السنة الثالثة للهجرة وقد نقل عن الواقدي أن النبي وجه إليه (أي كعب) في شهر ربيع الأول من هذه السنة (الثالثة) وارخ مستر موير هذه الحادثة يولية سنة ٦٢٤ (السنة الثالثة من الهجرة) .

ومن الغريب أن الأستاذ ولفنسون يغمض عينيه عن هذه المراجع المهمة (في رسالتته تاريخ اليهود) وبتشبث برأى اليعقوبي ويعتبره صحيحاً لأن اليعقوبي يقول إن النبي أمر بقتل كعب بن الأشرف بعد يوم أحد أي في ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة. لكن ما الذي الجأ الأستاذ إلى ذلك؟ إن الذي ألجأه إلى ذلك نفي التهمة عن كعب بن الأشرف وهي تحريضه قريشا على قتال المسلمين وتشبيبه بنسائه فاضطر إلى تكذيب رواية ابن هشام وغيره من كبار المؤرخين.

فلما قتل كعب اذن؟

قال الأستاذ أنه قتل في السنة الرابعة قبيل محاصرة النبي لبني النضير وكان قتله بمثابة اعلان حرب عليهم فإنه كان زعيما من زعمائهم.

وبذلك نفى الأستاذ ولفنسون التهمة عن كعب وجوّز على النبي قتل زعيم من زعماء بني النضير لا لشيء غير اعلان الحرب عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>