للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-قال ابن اسحاق: ووقعت هند بنت عتبة كما حدثني صالح بن كيسان والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد عن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خدما وقلايد وأعطت خدمها وقلايدها وقرطتها وحشيا غلام جبير بن مطعم وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها. وهند هذه هي زوج أبي سفيان وأم ابنه معاوية وقد أسلمت في فتح مكة بعد زوجها كما سيأتي.

لقد ساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رآه من التمثيل بحمزة فقال: لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم. ولما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل، قالوا والله لئن أظفرنا الله بهم يوما في الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب. فالمثلة كانت تقترفها العرب في الجاهلية انتقاما من أعدائهم إذا بلغ منهم الغيظ مبلغه، لكن الإسلام حرمها لشناعتها فعن ابن عباس إن الله عز وجل أنزل في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه {وَإنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمْلِ مَا عُوقِبِتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُو خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلاَّ وَلاتَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَتَكُ فِي ضِيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُوُنَ} فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عن المثلة. وقال أصبرُ وأحتسبُ. هذا نهى عنه الدين الإسلامي الحنيف، لكنا نرى بعض جيوش الدول المتمدنة تقترف المثلة بأعدائها وهم يزعمون أن الدين الإسلامي دين همجية ووحشية. وقد مثل يوم أحد بعبد الله بن جحش وكان الذي قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي. وكان عمره حين قتل نيفا وأربعين سنة ودفن هو وخاله حمزة في قبر واحد.


(١) وهم أبو بكر وعبد الرحمن بن عوف وسعد وطلحة والزبير وأبو عبيدة.
(٢) وهم أبو دجانة والحباب بن المنذر وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير.

<<  <  ج: ص:  >  >>