للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع. أفي الأحياء هو أم في الأموات؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأسنة قد أشرعت إليه.

فقال رجل من الأنصار هو أبي بن كعب رضي الله عنه. أنا أنظر إليك يا رسول الله ما فعل سعد فنظر فوجده جريحا في القتلى وبع رمق وقد طعن اثنتي عشرة طعنة فقال له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات. قال أنا في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك اللع عنا خير ما جزى نبياً عن أمته. وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم أن سعد بن الربيع يقول لكم أنه لا عذر لكم عند اله أن يخلص إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم (١) وفيكم عين تطرف. قال ثم لم أبرح أن مات فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمه الله نصح لله والرسول حياً وميتاً.

كان سعد بن الربيع كاتبا في الجاهلية ومن النقباء يوم العقبة وشهد بدرا واستشهد يوم أحد.

إن سؤال رسول الله عن سعد بن الربيع في مثل هذا المأزق الحرج هو من شدة عطفه ومحبته لأصحابه وهذا خلق عظيم فقد كان يسأل عنهم في الحرب وفي السلم ويهتم بشؤونهم وكانوا يحبونه حباً شديداً يفوق كل حب ويدافعون عنه إلى آخر رمق من حياتهم ويخشون أن يصل إليه أي أذى وأن نصيحة سعد بن الربيع لقومه بالمحافظة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ النفس الأخير من أبلغ الأدلة على فرط محبة أصحابه صلى الله عليه وسلم له ولسمو مكانته في نفوسهم وقد كان قتادة بن النعمان يتقي السهام بوجهه دون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان آخرها سهما ندرت منه حدقته فأخذها بيده وسعى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها صلى الله عليه وسلم وكانت أحسن عينيه فانظر كيف بلغت محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) أي يصل إليه شيء من الأذى.

<<  <  ج: ص:  >  >>