-حمراء الأسد موضع على ثماينة أميال من المدينة. وكانت الغزوة صبيحة أحد. إذ وقعة أحد يوم السبت والغزوة المذكورة يوم الأحد لست عشرة مضت من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهراً من الهجرة. وكانت لطلب العدو الذي كانوا بالأمس.
قال الواقدي باتت وجوه الأنصار على بابه صلى الله عليه وسلم فلما طلع الفجر وأذن بلال بالصلاة جاء عبد الله بن عمرو المزني فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقبل من عند أهله بملل اسم موضع قرب المدينة إذا قريش قد نزلوا، فسمعهم يقولون ما صنعتم شيئا. أصبتم شوكة القوم وحدهم ثم تركتموهم ولم تبيدوهم. قد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم فارجعوا نستأصل من بقي، وصفوان بن أمية يأبى ذلك عليهم ويقول لا تفعلوا فإن القوم قد غضبوا وأخاف أن يجتمع عليكم من تخلف من الخزرج. فارجعوا والدولة لكم فأني لا آمن ان رجعتم أن تكون الدولة عليكم. فقال صلى الله عليه وسلم وأرشدهم صفوان وما كان برشيد. والذي نفسي بيده لقد سوّمت لهم الحجارة ولو رجعوا لكانوا كالأمس الذاهب.
ولما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ندب الناس وأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج أي أمر بلالا أن ينادي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم بطلب العدو وأن لا يخرج معنا أحد إلا من خرج معنا أمس يعني من شهد أحداً وأراد بذلك اظهار الشدة بالعدو والزيادة في تعظيم من شهد أحداً ومنع بذلك اختلاط المنافقين. لم يشه هذه الغزوة الا من شهد أحدا عدا جابر بن عبد الله فإنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبي خلفني يوم أحد على أخوات لي سبع فلم أشهد الحرب فأذن لي أن أسير معك فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال غيره.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم فلحق اثنان منهم القوم بحمراء الأسد فبصروا بالرجلين فقتلوهما. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودليله ثابت بن الضحاك بن ثعلبة بن الخزرج حتى عسكر بحمراء الأسد فوجد الرجلين فدفنهما. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مجروحاً وفي وجهه أثر الحلقتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلحة: يا طلحة لن ينالوا منا مثلها حتى يفتح الله علينا مكة. وقال لعمر بن لخطاب رضي الله عنه: يا ابن الخطاب إن قريشا لن ينالوا منا مثل هذا حتى نستلم الركن.
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد الأثنين والثلاثاء والأربعاء. وكان المسلمون يوقدون تلك الليالي خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل وجه فكبت الله بذلك عدوهم.
وكان اللواء بيد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه واستعمل صلى الله عليه وسلم على المدينة أم مكتوم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الله قذف في قبل أبي سفيان الرعب بعد الذي كان منه يوم أحد فرجع إلى مكة.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ووصلوا المدينة يوم الجمعة وقد غاب خمساص وظفر صلى الله عليه وسلم عند رجوعه إلى المدينة بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس وهو جد عبد الملك بن مروان فأمر بقتله.
قال الطبري:"وفيها أي في السنة الثالثة من الهجرة علقت فاطمة بالحسين صلوات الله عليهما. وقيل لم يكن بين ولادتها الحسن وحملها بالحسين الا خمسون ليلة (وفيها) حملت فيما قيل جميلة بنت عبد الله بن أبيّ بعبد الله بن حنظلة بن أبي عامر في شوال".