-الْمُرَيْسِيع ماء لبني خزاعة وتسمى هذه الغزوة غزوة بني المصطلق وهم بطن من خزاعة وكانت في شعبان سنة خمس من الهجرة (ديسمبر سنة ٦٢٦ م) وسببها أن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي كان قد جمع الجموع لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه كثير من المنافقين وكان معه ثلاثون من الخيل عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار واستعمل على المدينة زيد بن حارثة مولاه وقيل أبا ذر الغفاري. وخرجت معه عائشة وأم سلمة رضي اللع عنهما وقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاسوساً للمشركين وبلغ عليه السلام المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل وصف أصحابه للقتال ودفع راية المهاجرين لأبي بكر رضي الله عنه والأنصار لسعد بن عبادة وحمل المسلمون على المشركين فقتلوا عشرة وأسروا باقيهم وكانوا أكثر من سبعمائة وسبوا الرجال والنساء والذرية وساقوا النعم والشاء ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وهو هشام بن صبابة وقد قتل خطأ أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت وهو يرى أنه من العدو.
وكانت من جملة السبي جُوَيرية بنت الحارث بن أبي ضرار رئيس بني المصطلق. وعن عائشة قالت لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة مُلاَّحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها. قالت عائشة فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهتها وقلت يرى منها ما قد رايت فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك وقد كاتبت على نفسي فأعني على متابتي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خير من ذلك أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك فقالت نعم. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ الناس أنه قد تزوجها فقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق فلقد أعتق بها مائة من أهل بيت المصطلق فما أعلم امرأة أعظم بركة منها على قومها. ولما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم حجبها وقسم لها. وكانت حين تزوجها رسول الله بنت عشرين سنة وتوفيت سنة خمسين وهي بنت خمس وستين سنة وبسبب زواجها هدى الله أكثر بني المصطلق إلى الإسلام ثم أسلم الحارث ومن هنا تظهر حكمة رسول الله في زواجها.