للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-بعثت قريش سهيل بن عمرو (١) أخا بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا له أئت محمدا فصالحة ولا يكن في صلحه الا أن يرجع عنا عامه هذا فوالله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا فلما أقبل سهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل وطالت المراجعة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم. فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله؟ قال بلى. قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال بلى. قال؟ أوليسوا بالمشركين؟ قال بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا (٢) . قال أبو بكر: الزم غرزه (٣) فأني أشهد أنه رسول الله. قال عمر وأنا أشهد أنه رسول الله ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال يا رسول الله: ألست برسول الله؟ قال بلى. قال أولسنا بالمسلمين؟ قال بلى. قال أوليسوا بالمشركين؟ قال بلى. قال فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولو يضيعني. فكان عمر يقول: مازلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً.

ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب فقال اكتب "بسم الله الرحمن الرحيم" فقال سهيل لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم. فكتبها ثم قال اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول لم أقاتلك. ولكن أكتب اسمك واسم أبيك. فقال رسول الله اكتب هذا ما صالح عليه محمدٌ بن عبد الله سهيل بن عمرو. اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس فكيف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمداً من قريش بغير أذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه وان بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا سلال ولا أغلال وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه (وكان علي رضي الله عنه وبعض الحاضرين من المسلمين منهم أسيد بن حضير وسعد بن عبادة يعارضون في محو كلمة رسول الله) وتواثبت خزاعة وقالوا نحن في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم وإنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها لأصحابك فأقمت بها ثلاثً معك سلاح الراكب: السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها. وكتبت نسخة أخرى من هذا العقد لتبقى عند المسلمين لأن سهيلا قال يكون هذا الكتاب معي وقيل أن الذي كتب النسخة الأخرى محمد بن مسلمة ولم يكن أحد في القوم راضياً بجميع ما رضى بن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر.

وقد جاء في كتاب الصلح "وإن بيننا عيبة مكفوفة" أي أموراً مطوية في صدور سليمة اشارة إلى ترك المؤاخذة بما تقدم بينم من أسباب الحرب وغيرها وأنه "لا اسلال ولا أغلال" أي لا سرقة ولا خيانة.


(١) كان سهيل سياسيا قادراً وخطيباً مصقعاً.
(٢) أي الخصلة المذمومة.
(٣) أي ركابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>