للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كانت غزوة مؤتة في جمادى الأولى وقد تولى القيادة فيها خالد بن الوليد بعد أن قتل الأمراء الثلاثة الذين تقدم ذكرهم وكان قد أسلم حديثا مع عمرو بن العاص. فأظهر كفاءة حربية أمام جيش الروم العظيم وتمكن من جمع شمل الصحابة بع أن تفرقوا وعاد فريق منهم إلى المدينة فرجع خالد سالماً ولم يتحمل المسلمون إلا خسارة قليلة.

وفي جمادى الثانية أي بعد شهر (اكتوبر سنة ٦٢٩ م) جاء دور عمرو بن العاص فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلاد بلى (٢) وعذرة سنة (٣٠٠) من سراة المهاجرين والأنصار ومعهم (٣٠) فرساً.

وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن جمعاً من قضاعة تجمعوا للإغارة على المسلمين وأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة.

وسميت هذه السرية "ذات السلاسل" لأن الأعداء ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا وقيل سميت بذلك لأن بها ماء يقال له السَّمسل.

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن آخذ ثيابي وسلاحي فقال يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش فيغنمك الله ويسلمك. قلت لم أسلم رغبة في المال. قال "نعم المال الصالح للرجل الصالح" فعقد له لواء أبيض وجعل معه راية سوداء فسار هو ومن معه وكان يكمن النهار ويسير الليل فلما قرب منهم بلغه أن له جمعاً كثيراً فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده. فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواء وبعث معه (٢٠٠) من سراة المهاجرين والأنصار وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا. فأراد عبيدة أن يؤم الناس. فقال عمرو إنما قدمت عليّ مدداً وأنا الأمير. فقال أبو عبيدة لا ولكن على ما أنا عليه وأنت عليّ ما أنت عليه. وكان أبو عبيدة رجلا سهلا هينا عليه أمر الدنيا. فقال يا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي لا تختلفا وإنك إن ععصيتني أطعتك فأطاع له أبو عبيدة فكان عمرو ويصلي بالناس وسار حتى وصل إلى العدو فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفقوا مذعورين بعد أن اقتتلوا ساعة فهزمهم المسلمون ولم يغنموا شيئا.

أما البلاذري فيقول إن المسلمين غنموا.

وأرسل عمرو بن العاص نفسهُ بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعثه على قوم فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلة له عنده. قال عمرو فأتيته صلى الله عليه وسلم حتى قعدت بين يديه فقلت يا رسول الله: أي الناس أحب إليك" قال عائشة. قلت إني لست أعني النساء إ، ما أعني الرجال. قال أبوها. قلت ثم من. قال عمر بن الخطاب. فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم وقلت في نفسي لا أعود أسأله عن هذا.


(١) هي وراء وادي القرى بضم السين الأولى وفتحها لغتان وبينها وبين المدينة عشرة أيام.
(٢) بلاد بلى وعذرة هي وراء ذات القرى بينها وبين المدينة عشرة أيام. وبلى قبيلة كبيرة ينسبون إلى بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. وكذا عذرة ينسبون إلى عذرة بن سعد بن قضاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>