للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي امرأة حازمة جلدة شريفة غنية من أواسط قريش نسباً وأعظمهم شرفاً. وقد عرض كثيرون عليها الزواج فلم تقبل فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه من يرغبه في الزواج وقيل أنها أرسلت أختها فقال ما بيدي ما أتزوج به فقالت فإن كفيت ذلك ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال فمن هي؟ قالت له خديجة قال فأنا أفعل. فذهبت فأخبرت خديجة فأرسلت إله أن ائت لساعة كذا وكذا وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها خديجة فحضر ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته فزوجه أحدهم فقال عمرو بن أسد "هذا البضع لا يفرع أنفه" وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة وقد حضر رؤساء مضر وحضر أبو بكر رضي الله عنه ذلك العقد فقال أبو طالب: "الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضئ معد (معدنه) وعنصر مضر (أصله) وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتاً محجوجا حرماً آمناً وجعلنا الحكام على الناس ثم أن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل الا رجح به شرفاً ونبلا وفضلا وعقلا فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل وأمر حائل. ومحمد من قد عرفتم قرابته وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها ما آجله وعاجله كذا (١) وهو والله بعد هذا له بنأ عظيم وخطر جليل جسيم". فلما أتم أبو طالب الخطبة تكلم ورقة بن نوفل فقال: "الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقاتدتها وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم وقد رغبنا في الأتصال بحبلكم وشرفكم فاشهدوا عليَّ معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على كذا". ثم سكت فقال أبو طالب "قد أجبت أن يشركك عمها. فقال عمها:

"اشهدوا عليّ يا معشر قريش بأني قد أنكحت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد" فقبل النبي صلى الله عليه وسلم النكاح وشهد على ذلك صناديد قريش.

قال الواقدي: ويقولون أيضاً أن خديجة أسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تدعوه إلى نفسها تعني التزويج وكانت امرأة ذات شرف وكان كل قريش حريصاً على نكاحها قد بذلوا الأموال لو طمعوا بذلك فدعت أباها فسقته خمراً حتى ثمل ونحرت بقرة وخلقته بخلوق وألبسته حلة حبرة ثم أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته فدخلوا عليه فزوجه. فلما صحا قال: ما هذا العقير وما هذا العبير وما هذا أكابر قريش فلم أفعل. قال الواقدي وهذا غلط والثبت عندنا المحفوظ من حديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ومن حديث ابن أبي حبيبة عن داود عن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس "أن عمها بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن أباها (خويلد بن أسد) مات قبل الفجار (٢) .

تزوج خديجة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بكر عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم هلك عنها وتزوجها وبعده أبو هالة النباش بن زرارة.

وولد خديجة لعتيق هند بنت عتيق وولدت لأبي هالة هند بنت أبي هالة وهالة بن أبي هالة فهند بنت عتيق وهند وهالة ابنا أبي هالة كلهم أخوة أولاد رسول الله من خديجة.


(١) أصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بكرة وقيل أثنتي عشر أوقية.
(٢) راجع أيضاً طبقات ابن سعد الجزء الأول طبع ليدن ص ٨٥ وقال الحلبي في سيرته "وفي كون المزوج لها أبوها خويلد أو كونه حضر تزويجها نظر لأن المحفوظ عن أهل العلم أنه خويلد بن أسد مات قبل حرب الفجار".

<<  <  ج: ص:  >  >>