للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-الكعبة هي بيت الله الحرام وهو بناء مربع الشكل في وسط المسجد، بابه مرتفع على الأرض نحو قامة. وقد بنى الكعبة إبراهيم عليه السلام وهو رسول من أولي العزم أرسله الله إلى الكلدانيين في جنوب بابل وكانوا يعبدون النجوم والأثان ثم ترك إبراهيم قومه حين عصوه وهاجر إلى مدين وهناك أمره الله تعالى بالهجرة بولده إسماعيل (١) وأمه هاجر إلى بلاد العرب فقصدوا مكة ثم أمره الله ببناء الكعبة. قال السيد الإمام التقي الفاسي: بناء الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثابت بالكتاب والسنة. ورورى الأزرقي في تارخه عن ابن اسحاق أن الخليل عليه الصلاة والسلام لما بنى البيت جعل طوله في السماء تسعة أذرع وجعل طوله في الأرض من قبل وجه البيت الشريف من الحجر الأسود إلى الركن الشامي أثنين وثلاثين ذراعاً وجعل عرضه في الأرض من قبل الميزاب من الركن الشامي إلى الركن الغربي الذي يسمى الآن الركن العراقي أثنين وعشرين ذراعاً وجعله طوله في الأرض من جانب ظهر البيت الشريف من الركن الغربي المذكور إلى الركن اليماني أحداً وثلاثين ذراعاً وجعل عرضه في الأرض من الركن اليماني إلى الحجر الأسود عشرين ذراعاًوجعل الباب لاصقاً بالأرض غير مرتفع عنها ولا مبوب حتى جعل لها تبع الحميري بابا وغلقا بعد ذلك ومقام إبراهيم عليه السلام بإزاء وسط البيت الذي فيه الباب. قال ياقوت في معجم البلدان: إن خصائص الكعبة كثيرة وفضائلها لا تحصى ولا يسع كتابنا إحصاء الفضائل وليست أمة في الأرض إلا وهم يعظمون ذلك البيت ويعترفون بقدمه وفضله وأنه بناء إبراهيم حتى اليهود والنصارى والمجوس والصابئة وقد بقيت الكعبة على هيئتها من عمارة إبراهيم عليه السلام إلى أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة من عمره فخافت قريش أن تهدم لتصدع جدرانها بسيل دخلها بعد حريق اصابها وكانت رضما فوق القامة (الرضم أن تنضد الحجارة بعضها على بعضمن غير ملاط) وكان البحر رمى بسفينة إلى جدة (٢) فتحطمت فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش فابتاعوا خشبها وأعدوه لتسقيفها وكان بمكة نجار يدعى باقوم مولى سعيد بن العاصي وصانع المنبر الشريف فأمروهأن يلي بناء الكعبة وكان صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة معهم فلما وصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضع الحجر موضعه وأرادت كل قبيلة رفعه وتواعدوا للقتال ثم تشاوروا وجعلوا بينهم أول من يدخل من باب المسجد يقضي بينهم فكان أول من دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين رضينا به وأخبروه الخبر فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه وبسطه على الأرض ثم أخذ الحجر فوضعه فيهثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه ففعلوا فلما بلغوا موضعه وضعه هو بيده الشريفة فرضوا وانتتهوا عن الشرور.

وكانت قريش تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل الوحي الأمين وفي كتاب تهذيب الأسماء أن أول امرأة عربية كست الكعبة الحرير نتيلة أم العباس وسببه أن العباس ضاع وهو صغير فنذرت أن وجدته أن تكسوها فوجدته ففعلت.


(١) إسماعيل أكبر ولد إبراهيم كان اسمه اشمويل فأعرب وأمه هاجر من القبط من قرية أمام القومي قريب من فسطاط مصر وهاجر إبراهيم إلى مكة ومعه إسماعيل وهو ابن سنتين وأمه هاجر ثم انصرف إبراهيم إلى الشام وإسماعيل أول من تكلم بالعربية وهو ابن ثلاث عشرة سنة وكان كلام الناس قبل ذلك العبرانية ولما بلغ إسماعيل عشرين سنة توفيت أمه هاجر وهي ابنة تسعين سنة فدفنها إسماعيل في الحجر وأوحى الله إلى إبراهيم أن يبني البيت فبناه معه وتوفي إسماعيل بعد أبيه فدفن داخل الحج مما يلي الكعبة مع أمه هاجر.
(٢) في حديث بناء الكعبة عن وهب بن منبه - أن سفينة حجتها الريح إلى الشعيبة وهو مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز وهو كان مرفأ مكة ومرسى سفنها قبل جدة. ومعنى حجتها الريح دفعتهاز

<<  <  ج: ص:  >  >>