للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-في هذه الغزوة وقع لرسول الله بعض المعجزات وخوارق العادات والأخبار بالمغيبات نذكر منها:

كان رسول الله حين مر بالحجر نزلها واستقى الناس من بئرها فلما راحوا منها قال رسول الله لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضأوا منها للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن احد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله إلا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه وأما الذي ذهب بعيره فاحتمله الريح حتى طرحته في جبل طيء فأخبره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الم أنهكم أن يخرج أحد إلا ومعه صاحب؟ ثم دعا الذي أصيب على مذهبه فشفي وأما الآخر الذي وقع بجبلي طيء فإن طيئا أهدته لرسول الله جين قدم المدينة.

ولما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله فدعا الله فأرسل الله سحالة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء.

وضلت ناقة رسول الله ببعض الطريق فخرج أصحابه في طلبها وعند رسول الله رجل من بعض أصحابه يقال له عمارة بن حزم وكان في رحله زيد بن لصيب القينقاعي وكان منافقاً فقال زيد بن لصيب وهو في رحل عمارة وعمارة عند رسول الله اليس يزعم محمد أنه يخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال رسول الله وعمارة عنده أن رجلا قال إن هذا محمدا يخبركم أ، هـ نبي وهو يزعم أنه يخبركم بخبر السماء وهو لا يدري اين ناقته وإني والله لا أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني عليها وهي في الوادي من شعب كذا وكذا قد حبستها شجرة بزمامها فاطلقوا حتى تأتوا بها، فانطلقوا فجاءوا بها إلى آخر القصة. ثم مضى رسول الله سائراً فجعل يتخلف عنه الرجل فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه حتى قيل يا رسول الله تخلف ابو ذر وأبطأ به بعيره فقال دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه وتلوم أبو ذر على بعيره فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع اثر رسول الله ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله فنظر ناظر من المسلمين فقال يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال رسول الله كن أبا ذر. فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو أبو ذر فقال رسول الله يرحم الله أبا ذر يمشي وحده. ويموت وحده. ويبعث وحده. وقد تحقق قوله عليه الصلاة والسلام فإن عثمان رضي الله عنه لما نفى أبا ذر نزل أبو ذر الرّبذة (١) فأصابه بها قدره ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه فأوصاهما أن غسلاني وكفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول مركب يمر بكم فقولوا هذا ابو ذر صاحب رسول الله فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق فأقبل عبد الله بن مسعود ورهط من أهل العراق عماراً فلم يرعهم إلا بجنازة على الطريق قد كادت الإبل تطأها وقام إليهم الغلام فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله فأعينونا على دفنه فاستهل عبد الله بن مسعود يبكي ويقول صدق رسول الله "تمشي وحدك. وتموت وحدك. وتبعث وحدك" ثم نزل هو زأصحابه فواروه ثم حدثهم ابن مسعود حديثه وما قال رسول الله في مسيره إلى تبوك. واسم أبي ذر (جندب بن جنادة) ومات في سنة ٣٢ هـ.


(١) من قرى المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>