للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في شهر ربيع الأول سنة عشر (يونية سنة ٦٣١ م) سرية في اربعمائة إلى بني الحارث بن كعب بنجران (١) وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا فإن استجابوا لك فاقبل منهم وأقم فيهم وعلمهم كتاب الله وسنة نبيه ومعالم الإسلام فإن لم يفعلوا فقاتلهم. وكان أهل نجران على شريعة عيسى عليه السلام فخرج خالد حتى قدم عليهم فبعث الركبان يضربون في كل وجه ويدعون الناس إلى الإسلام ويقولون: يا أيها الناس أسلموا تسلموا فأسلم الناس ودخلوا فيما دعاهم إليه. فأقام خالد فيهم يعلمهم اإسلام وكتاب الله وسنة نبيه. ثم كتب خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالد بن الوليد. السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد يا رسول الله صلى الله عليك فإنك بعثتني إلى بني الحارث بن كعب وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام وأن أدعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا قبلت منهم وعلمتهم معالم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه وإن لم يسلموا قاتلتهم. وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة ايام كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثت فيهم ركبانا. يا بني الحارث اسلموا تسلموا فأسلموا ولم يقاتلوا وأنا مقيم بين أظهرهم وآمرهم بما أمرهم الله به وأنهاهم عما نهانا الله عنه وأعلمهم معالم الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكتب إليّ رسول الله والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته" وهذا الكتاب شرح فيه خالد مهمته وأنه قام بها كما أمر. فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد. سلام عليك. فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسلك بنجران بني الحارث قد أسلموا قبل أن يقاتلوا وأ>ابوا ما دعوتهم إليه من الإسلام وشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن قد هداهد الله بهذا فبشرهم وأنذرهم وأقبل وليقبل معك وفدهم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته".

فاقبل خالد بن الوليد إلى رسول الله وأقبل وفد بني الحارث بن كعب فيهم قيس بن الحصين بن يزيد بن قنان ذو الغصة. ويزيد بن عبد المدان. ويزيد بن المحجّل. وعبد الله بن قريظ الزيادي. وشداد بن عبد الله القباني. وعمرو بن عبد الله الضّبابي. فلما قدموا على رسول الله فرآهم قال من هؤلاء القوم كأنهم رجال الهند؟ قيل يا رسول الله هؤلاء بنو الحارث بن كعب. فلما وقفوا عند رسول الله سلموا عليه. فقالوا نشهد أنك رسول الله وأن لا إله إلا الله. فقال رسول الله: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وإني رسول الله ثم قال رسول الله أنتم الذين إذا زجروا استقدموا. فلم يراجعه منهم أحد. ثم أعادها رسول الله الثانية والثالثة والرابعة فقال يزيد بن عبد المدان نعم يا رسول الله، نحن الذين إذا زجرنا استقدمنا. فقالها أربع مرات. فقال رسول الله: لو أن خالد بن الوليد لم يكتب إليّ فيكم أنكم أسلمتم ولم تقتلوا لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم. فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله يا رسول الله ما حمدناك ولا حمدنا خالداً. فقال فمن حمدتم؟ قالوا حمدنا الله الذي هدانا بك. قال صدقتم. ثم قال رسول الله بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟ قالوا لم نكن نغلب أحداً. فقال رسول الله بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم. قالوا يا رسول الله: كنا نغلب من قاتلنا إنا كنا بني عبيد وكنا نجتمع ولا نتفرق. ولا نبدأ أحداً بظلم. قال صدقتم. ثم امّر رسول الله على الحارث بن كعب قيس بن الحصين فرجع وفد الحارث بن كعب إلى قومهم ولم يمكثوا بعد أن قدموا إلى قومهم إلا أربعة أشعر حتى توفي رسول الله.


(١) موضع بين اليمن ونجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>