للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-توفي إبراهيم ابن رسول الله في شهر ربيع الأول سنة عشر (يونية ٦٣١ م) .

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتمد على عبد الرحمن بن عوف وإبراهيم يجود بنفسه، فلما مات دمعت عينا رسول الله وقال له عبد الرحمن أي رسول الله هذا الذي تنهى الناس عنه متى يرك المسلمون تبكي يبكوا. فلما سريت عنه عبرته قال إنما هذا رحمة وإن من لا يرحم لا يُرحم إنما ننهى الناس عن النياحة وأن يتدب الرجل بما ليس فيه. ثم قال لولا أنه وعد جامع وسبيل مئتاء وأن آخرنا لاحق بأولنا لوجدنا عليه وجداً غير هذا وأنا عليه لمحزون تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وفضل رضاعة في الجنة. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن إبراهيم في البقيع (١) . وصلى عليه صلى الله عليه وسلم وكبر أربعا وقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا ولما دفن أمر برش قربة ماء على قبره. ولما سوى جدثه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى كالحجر في جانب الجدث فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي بإصبعه ويقول "إذا عمل أحدكم عملا فليتقنه فإنه مما يسلي بنفس المصاب".

وانكسفت الشمس يوم مات إبراهيم فأذاع الناس أن الشمس كسفت حزنا على موت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ولا ينكسفان لموت أحد". قال ذلك لأن الناس لما شاهدوا الكسوف قالوا انكسفت الشمس لموت إبراهيم ولو كان النبي مخادعاً أو كاذباً لاستغل هذه الفرصة السانحة وأذاع في طول البلاد وعرضها أن الشمس انكسفت لوفاة ابنه وأن هذه إحدى معجزات النبوة لكنه أبى إلا الصدق وأذاع الحقيقة.

قال مسيو در منجم في كتابه حياة محمد (فصل ٢١) بمناسبة هذا الحادث: "إن محمدا كان واسع العقل فرد على هذه الخرافة الجميلة بقوله (إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد) وهذه كلمات لا يقولها مخادع".

وهذا ما قلناه لأن المخادع يتعلق بالأوهام ويسارع إلى انتهاز مثل هذه الفرص ولكن النبي كان صادقا في أقواله. صادقاً في أفعاله. لا يستند إلى الأكاذيب في رفع شأنه.


(١) مقبرة أهل المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>