-نذكر في هذا الفصل مراتب الوحي ثم نرد على المستشرقين الذين زعموا أن رسول الله كانت تعتريه نوبات صرعية إنكاراً لنزول الوحي.
ولنبدأ بمراتب الوحي وهي سبعة:
-١- الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
-٢- ما كان يلقيه الملك في قلبه من غير أن يراه ويخلق الله فيه علماً ضروريا يعلم به أنه وحي لا الهام.
-٣- خطاب الملك حين كان يتمثل له رجلا فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول.
-٤- كان يأتيه مخاطباً له بصوت مثل صلصلة الجرس وكان هذا النوع أشده عليه وفي حديث لابن عباس: كان صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة.
-٥- رؤية جبريل في صورته التي خلقه الله عليها فيوحى إليه.
-٦- ما أوحاه الله إليه وهو فوق السماوات من فرض الصلوات وغيرها بسماع الكلام الأزلي الذي ليس بحرف ولا صوت من غير واسطة مع الرؤية للذات المقدسة.
-٧- ما أوحاه إليه بلا واسطة أيضا بل بسماع الكلام الأزلي لكن بلا رؤية كما وفع لموسى عليه السلام.
هذه هي مراتب الوحي وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاني من الوحي شدة فظن المستشرقون أن هذه الشدة التي كانت ترى عليه إنما هي نوبة صرعية لكن أعراض الصرع المدروسة طبياً تخالف ما كان يشاهد عليه صلى الله عليه وسلم ند نزول الوحي.
فالمصروع تعتريه النوبة فجأة فيقطع كلامه ويسقط من يده ما قد يكون قابضاً عليه وتثبت حدقة عينه ويصفر وجهه وقد يصيح صيحة عالية ويقع مغشياً عليه كمن أطلق عليه عيار ناريّ ولا يبذل أي مجهود للخلاص من حالته ولهذا كثيراً ما يصاب بجروح وقد يصاب بحروق خطرة إذا سقط بالقرب من نار وتتقلص عضلات الوجه في النوبة الصرعية ومنها عضلات الفك. فيعض المصروع لسانه ويمتزج لعابه بالدم ويسيل من فمه وإذا ترك وشأنه نام ساعات فإذا أفاق شكا صداعاً وارتباكاً في العقل. ثم إن الجروح التي تصيب رأس المصروع من السقوط فجأة تسبب له تهيجاً في الدماغ.
هذه هي أعراض الصرع الطبية. فكيف يقال أن رسول الله كانت تعتريه نوبات صرعية ولم يرو لنا أنه سقط مغشياً عليه أو أصيب بجروح في راسه أو عض لسانه أو شفتيه أو سال الدم منه أو أصيب بحروق أو فقد ذاكرته أو حاد عن مبدئه بل لم يقل أحد أنه صاح صياحاً عالياً. أليس في مخالفة حالاته للأعراض الصرعية التي يعرفها كل طبيب رد كاف على هؤلاء المستشرقين؟