للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض مشرباً بحمرة واسع الجبين. عظيم الرأس من غير إفراط حسن الجسم. عظيم الجبهة دقيق الحاجبين مقرونهما كانت الفرجة التي بين حاجبيه يسيرة لا تبين إلا لمن دقق النظر. أهدب الأشفار. أدعج العينين (١) أقنى الأنف (٢) واضح الخدين ليس فيهما نتوء ولا ارتفاع. كث اللحية (كثير شعرها) اسودها عرقه في وجهه. واسع الفم من غير إفراط، والعرب تمدح به لدلالة السعة على الصاحة، مفلّج الثنايا "متفرقها" قوي الأسنان ضخم الكراديس "رؤوس العظام" غليظ الكتفين واسعهما ناعمهما غليظ الأصابع من غير قصر ولا خشونة واسع الصدر. غليظ القدمين سبابة قدمه أطول من الوسطى. اشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر. ولم يكن بالطويل ولا القصير وهو إلى الطول أقرب. شعره وسط بين الجعودة والبسوطة. نقي الثوب لين الكلام. حسن الصوت قوية. لا يقول هجراً. ولا ينطق هذراً. يخاطب كل إنسان على قدر عقله. يكلم كل قبيلة بما تعرفه. واسع الإطلاع بلغات العرب إذا فرح غض طرفه. ما رؤى ضاحكاً إنما كان يبتسم وكان يضحك منه نادراً ولم يقهقه. ما تثاءب قط. وما احتلم قط. ليس بمسترخي البدن. سهل الخلق. لين الجانب. ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح. وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً. يقابل السيئة بالحسنة يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه. لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق والمسألة. لا يقطع على أحد حديثه. ولا يتكلم في غير حاجة. يعظم النعمة وإن دقت. لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها وإنما يغضب إذا تعرض للحق بشيء. ويكرم كريم كل قوم يوليه عليهم ويتفقد أصحابه ويسأل عنهم فإن كان غائباً دعا له وإن كان شاهداً زاره وإن كان مريضاً عاده. وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس. من جالسه أو نادمه لحاجة صابرة حتى يكون هو المنصرف عنه. من سأله حاجة لم يرده إلا بها. عنده الناس في الحق سواء. مجلسه مجلس حلم وحياء. لا ترفع فيه الأصوات ولا يتنازعون عند الحديث. إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير. وقد قال صلى الله عليه وسلم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وكان أشد الناس خشية وخوفاً من الله. ما ضرب بيده الشريفة امرأة ولا خادما من أهله. حلمه يسبق غضبه ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما. وأسخى الناس كفا وأشدهم حياء يحب الفأل الحسن ويغير الاسم القبيح بالحسن. يشاور أصحابه في الأمر وكان إذا كره شيئا عرف في وجهه ولم يشافه أحداً بمكروه بمازح صبيان أصحابه ويجلسهم في حجره ويقعدون في صدره الشريف فيقبلهم ويلتزمهم. يشهد الجنائز ويقبل عذر المعتذر. ما وضع أحد فمه في أذنه إلا استمر صاغيا له حتى يفرغ من حديثه ويذهب. وما أرسل أحد بيده فيرسل يده صلى الله عليه وسلم منه حتى يكون الآخر هو الذي يرسلها. يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة لم ير قط ماداً رجليه بين أصحابه. يكرم من يدخل عليه وربما بسط له رداءه وآثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه إن أبى. ويدعو أصحابه بأحب أسمائهم ويكنيهم ولا يجلس إليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأله عن حالته فإذا فرغ عاد إلى صلاته. كان يركب الحمار وربما ركبه عريانا ويردف خلفه وكان يجلس على الأرض ويحب السواك ويكتحل بالأثمد عند النوم ثلاثا في كل عين وحج على رحل رث عليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم وقال اللهم اجعله حجا مبروراً لا رياء فيه ولا سمعة. يحلب شاته ويخصف نعله ويرقع ثوبه ويخدم نفسه ويقم البيت ما يرى فارغا قط في بيته ويأكل مع الخادم ويحمل بضاعته من السوق ويحب الطيب ويأمر به ويأمر أصحابه بالمشي أمامه. توفي ودرعه مرهونة عند يهودي على نفقة عياله. ما شبع ثلاثة أيام تباعا من خبز البر حتى فارق الدنيا. وما أكل خبزاً منخولا وكان يبيت الليالي المتتابعة طاويا. وما أكل على خوان قط إنما كان يأكل على السفرة وربما وضع طعامه على الأرض. لا يجمع في بطنه بين طعامين. إن أكل لحما لم يزد عليه وإن أكل تمراً لم يزد عليه وإن أكل خبزا لم يزد عليه وكان يصلي على الحصير وعلى الفروة المدبوغة وربما نام على الحصير فأثرت في جسده الشريف وكان ينام على شيء من أدم محشو ليفا.


(١) وقد جاء أشكل العينين أي في بياض عينيه حمرة وكانت في الكتب القديمة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة أكحل العينين والكحل سواد هدب العينين خلقة.
(٢) القنا في الأنف طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>