-علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد سنة ٦٠٠ -٦٠١ بعد الميلاد. وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم وكنيته أبو الحسن وصهر رسول الله على ابنته فاطمة وأبو السبطين. وهو أول هاشمي ولد بين هاشميين. والخليفة الرابع وأول خليفة من بني هاشم وكان حين أسلم لم يبلغ الحلم. وقال ابن اسحاق أنه كان يومئذ ابن عشر سنين وكان في كفالة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه لأن قريشاً أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب كثير العيال قليل المال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وضمه إليه وأخذ العباس جعفرا وضمه إليه تخفيفاً عن أبي طالب ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
وسبب إسلامه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه خديجة رضي الله عنها وهما يصليان سواء. فقال ما هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دين الله الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسله فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له وإلى عبادته والكفر باللاة والعزى. فقال علي رضي الله عنه: هذا أمر لم اسمع به قبل اليوم فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب. وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشي سره قبل أن يستعلن أمره. فقال له يا علي إذا لم تسلم فأكتم هذا فمكث على ليلته ثم أن الله تعالى هداه إلى الإسلام فأصبح غادياً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم على يديه (١) . وكان علي رضي الله عنه يخفي إسلامه خوفا من أبيه إلى أن أطلع عليه وأمره بالثبات عليه فأظهره حينئذ. أما أبو طالب فلم يرض أن يفارق دين أبائه وعن أنس بن مالك قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين وأسلم عليّ يوم الثلاثاء. وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه ليلة خرج مهاجراً وقال: إن قريشاً لم يفقدوني ما رأوك فاضطجع على فراشه وسيأتي ذكر ذلك عند الكلام على الهجرة، ثم لحق برسول الله بالمدينة بعد قضاء ديون رسول الله ورد الودائع التي كانت عنده فلما وصل إليها كانت قدماه قد ورمتا من المشي وكانتا تقطران دماً فأعتنقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى رحمة لما أصاب قدميه وتفل في يديه ومسح بهما رجليه ودعى له بالعافية فلم يشتكهما حتى أستشهد رضي الله عنه. وشهد بدراً وغيرها من المشاهد ولم يشهد غزوة تبوك لا غير لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه على أهله. وأصابته يوم أحد ست عشرة ضربة. وكان علي رضي الله عنه مع شجاعته الفائقة عالماً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا مدينة العلم وعلي بابها" وعن ابن عباس أنه قال: إذا ثبت لنا الشيء عن علي لم نعدل عنه إلى غيره.
واستخلف علي رضي الله عنه وبويع له بالمدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل عثمان وذلك في يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين (٢٤ يونية ٦٥٦) .
(١) لم يكن علي رضي الله عنه حين أسلم يبلغ الحلم وكان يومئذ ابن عشر سنين وعلى ذلك لم يعبد الأصنام وقيل كان عمره ثمان سنين.