٢٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَمَّادٍ الْبَرْبَرِيُّ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَبُو السَّكَنِ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنِي عَمُّ أَبِي زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، عَنْ أُمِّهِ رُقَيْقَةَ بِنْتِ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمٍ وَكَانَتْ لِدَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَتْ: تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُونَ أَمْحَلَتِ الضَّرْعَ وَأَدَقَّتِ الْعَظْمَ، فَبَيْنَا أَنَا رَاقِدَةُ الْهَمِّ أَوْ مَهْمُومَةٌ إِذَا هَاتِفٌ يَصْرُخُ بِصَوْتٍ صَحِلٍ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْمَبْعُوثَ قَدْ أَظَلَّتْكُمْ أَيَّامُهُ، وَهَذَا إِبَّانُ نُجُومِهِ فَحَيَّهَلَا بِالْحَيَاءِ وَالْخِصْبِ، أَلَا فَأَنْفِرُوا رَجُلًا مِنْكُمْ وَسِيطًا، عِظَامًا، جِسَامًا، أَبْيَضَ بِضِيَاءٍ، أَوْطَفَ الْأَهْدَابِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، أَشَمَّ الْعِرْنِينِ، لَهُ فَخْرٌ يَكْظِمُ عَلَيْهِ، وَسُنَّةٌ يَهْدِي إِلَيْهَا، فَلْيَخْلُصْ هُوَ وَوَلَدُهُ، وَلْيَهْبِطْ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَلْيَشِنُّوا مِنَ الْمَاءِ، وَلْيَمَسُّوا مِنَ الطِّيبِ، وَلْيَسْتَلِمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ لِيَرْقُوا أَبَا قُبَيْسٍ، ثُمَّ لِيَدْعُ الرَّجُلُ وَلْيُؤَمِّنِ الْقَوْمُ، فَغِثْتُمْ مَا شِئْتُمْ. فَأَصْبَحْتُ عَلِمَ اللَّهُ مَذْعُورَةً، وَاقْشَعَرَّ جِلْدِي، وَوَلِهَ عَقْلِي، وَاقْتَصَصْتُ رُؤْيَايَ، وَنَمَتْ فِي شِعَابِ مَكَّةَ فَوَالْحُرْمَةِ وَالْحَرَمِ مَا بَقِيَ بِهَا أَبْطَحِيٌّ إِلَّا قَالَ: هَذَا شَيْبَةُ الْحَمْدِ، وَتَنَاهَتْ إِلَيْهِ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ، وَهَبَطَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَشَنُّوا، وَمَسُّوا، وَاسْتَلَمُوا الرُّكْنَ، ثُمَّ ارْتَقَوْا أَبَا قُبَيْسٍ وَاصْطَفُّوا حَوْلَهُ مَا يَبْلُغُ سَعْيُهُمْ مُهْلَةً، حَتَّى إِذَا اسْتَوَوْا بِذُرْوَةِ الْجَبَلِ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَمَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غُلَامٌ قَدْ أَيْفَعَ أَوْ كَرَبَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ سَادَّ الْخَلَّةِ، وَكَاشِفَ الْكُرْبَةِ، أَنْتَ مُعَلِّمٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ، وَمَسْؤُولٌ غَيْرُ مُبَخَّلٍ، وَهَذِهِ عِبِدَّاؤُكَ وَإِمَاؤُكَ بِعَذِرَاتِ حَرَمِكَ، يَشْكُونَ إِلَيْكَ سَنَتَهُمْ، أَذْهَبَتِ الْخُفَّ وَالظِّلْفَ، اللَّهُمَّ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا غَيْثًا مُغْدِقًا مَرِيعًا، فَوَرَبِّ الْكَعْبَةِ مَا رَامُوا حَتَّى تَفَجَّرَتِ السَّمَاءُ بِمَا فِيهَا بِمَائِهَا، وَاكْتَظَّ الْوَادِي بِثَجِيجِهِ، فَسَمِعْتُ شِيخَانَ قُرَيْشٍ وَجِلَّتَهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعَانٍ وَحَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ وَهِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ يَقُولُونَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: هَنِيئًا لَكَ يَا أَبَا الْبَطْحَاءِ، أَيْ عَاشَ بِكَ أَهْلُ الْبَطْحَاءِ. فَفِي ذَلِكَ تَقُولُ رُقَيْقَةُ بِنْتُ أَبِي صَيْفِيٍّ:
[البحر البسيط]
بِشَيْبَةِ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنَا ... وَقَدْ فَقَدْنَا الْحَيَاةَ وَاجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
فَجَاءَ بِالْمَاءِ جُونِيٌّ لَهُ سَبَلٌ ... سَحًّا فَعَاشَتْ بِهِ الْأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ
مَنًّا مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طَائِرُهُ ... وَخَيْرِ مَنْ بُشِّرَتْ يَوْمًا بِهِ مُضَرُ
مُبَارَكُ الْأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ ... مَا فِي الْأَنَامِ لَهُ عِدْلٌ وَلَا خَطَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute