١٧٥٣ - قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، يَقُولُ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنِ اقْضُوا عَنِ الْغَارِمِينَ. فَكُتِبَ إِلَيْهِ: إِنَّا نَجِدُ الرَّجُلَ لَهُ الْمَسْكَنُ، وَالْخَادِمُ، وَالْفَرَسُ، وَالْأَثَاثُ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّهُ لَابُدَّ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ مِنْ مَسْكَنٍ يَسْكُنُهُ ⦗٦٦٧⦘، وَخَادِمٍ يَكْفِيهِ مِهْنَتَهُ، وَفَرَسٍ يُجَاهِدُ عَلَيْهِ عَدُوَّهُ، وَمِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْأَثَاثُ فِي بَيْتِهِ، نَعَمْ فَاقْضُوا عَنْهُ، فَإِنَّهُ غَارِمٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَا تَرَى عُمَرَ إِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ مَا يَكُونُ فِيهِ الْكَفَافُ الَّذِي لَا غَنَاءَ بِهِ عَنْهُ، فَأَرْخَصَ فِيهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ. وَقَوْلُ الْحَسَنِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ شَبِيهٌ بِهَذَا أَيْضًا، إِلَّا أَنَّ هَذَا أَبْيَنُ تَفْسِيرًا. وَقَدْ وَجَدْنَا عَلَى مُسْتَحِلِّ الصَّدَقَةِ شَرْطًا آخَرَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى الْغَنَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ. وَهُوَ الْقَوِيُّ أَيْضًا.
١٧٥٥ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَأَرَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمَا، وَجَعَلَ الْغِنَى وَالْقُوَّةَ عَلَى الِاكْتِسَابِ عَدْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقَوِيُّ ذَا مَالٍ، فَهُمَا الْآنَ سِيَّانِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوِيُّ مَجْدُودًا عَنِ الرِّزْقِ مُحَارَفًا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُجْتَهِدٌ فِي السَّعْيِ عَلَى عِيَالِهِ حَتَّى يُعْجِزَهُ الطَّلَبُ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ، فَإِنَّ لَهُ حِينَئِذٍ حَقًّا فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: ١٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute