١٧٦٣ - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُعْطُوا مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَكُونُ رَأْسَ مَالٍ» ،
١٧٦٤ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ أَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، كَمَا كَانَ لَا يَرَى أَنْ يُعْطَاهَا مَنْ يَمْلِكُ خَمْسِينَ. قَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَارِمًا، فَإِنَّهُ يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَشَبَّهَ سُفْيَانُ الْإِعْطَاءَ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ الْمُعْطَى. وَهَذَا مَذْهَبٌ فِيهِ قُدْوَةٌ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ وَيَتَّبِعَهُ.
١٧٦٥ - وَأَمَّا سَائِرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ غَيْرَ سُفْيَانَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَذْهَبُونَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا فِي ⦗٦٧١⦘ تَشْبِيهِهِمْ مَا يُعْطَى بِالْمِلْكِ الْأَوَّلِ، إِلَّا أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَقْتَ فِي ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالُوا: لَا يُعْطَى مِنْهَا الْوَاحِدُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ، كَمَا لَا تَحِلُّ لَهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ مِائَتَانِ.
١٧٦٦ - وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ نَحْوٌ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ.
١٧٦٧ - فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي هَذَا حَدٌّ مَعْلُومٌ، وَكَانَ يَقُولُ: أَرَى عَلَى الْمُعْطِي فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادَ، وَحُسْنَ النَّظَرِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ تَدَبَّرْنَا الْأَحَادِيثَ الْعَالِيَةَ، فَلَمْ نَجِدْهَا تُخْبِرُ فِي ذَلِكَ بِتَوْقِيتٍ، إِنَّمَا حَدَّتِ السُّنَّةُ مَا كَانَ مِلْكًا مُتَقَدِّمًا لِلْمُعْطِي مِنَ الْأُوقِيَّةِ، وَغَيْرِهَا قَبْلَ الْعَطِيَّةِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ يَوْمَ يُعْطَاهَا فَقِيرًا مَوْضِعًا لِلصَّدَقَةِ، فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ فِي الْآثَارِ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ، بَلْ تَدُلُّ عَلَى الْفَضِيلَةِ فِي الْإِكْثَارِ مِنْهَا وَالِاسْتِحْبَابِ لِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute