١٨٩٤ - قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا نَرَى وَقُوفَ مَنْ وَقَفَ فِي هَذَا أَنَّهُ أَشْبَهَ الزَّكَاةَ بِالصَّلَاةِ، إِذْ كَانَتْ لَا تَجُوزُ قَبْلَ وَقْتِهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تَكُونَ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ. وَالَّذِي عِنْدَنَا فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا أَوْقَاتٌ وَحُدُودٌ مَعْلُومَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحَدِّثُهُ عَنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَمَّهُ فِيهَا، وَحَدَّهَا لَهُ، فَلَيْسَتْ تُتَعَدَّى تِلْكَ الْأَوْقَاتُ بِتَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ؟
١٨٩٥ - وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَقَّتَ لِلزَّكَاةِ يَوْمًا مِنَ الزَّمَانِ مَعْلُومًا، إِنَّمَا أَوْجَبَهَا فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ تَخْتَلِفُ عَلَيْهِمُ اسْتِفَادَةُ الْمَالِ، فَيُفِيدُ الرَّجُلُ نِصَابَ الْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ ⦗٧٠٥⦘، وَيَمْلِكُهُ الْآخَرُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَيَكُونُ لِلثَّالِثِ فِي الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُمَا، ثُمَّ شُهُورُ السَّنَةِ كُلُّهَا. وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الزَّكَاةُ فِي مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي اسْتَفَادَهُ فِيهِ مِنْ قَبْلُ، فَاخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُهُمْ فِي مَحِلِّ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ؛ لِاخْتِلَافِ أَصْلِ الْمِلْكِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلزَّكَاةِ يَوْمٌ مَعْلُومٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّمَا وُجُوبُهَا عَلَى النَّاسِ مَعًا فِي مِيقَاتٍ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا أَفْتَتِ الْعُلَمَاءُ بِتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ قَبْلَ مَحِلِّهَا، وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، مَعَ الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَمِّهِ الْعَبَّاسِ.
١٨٩٦ - وَبِهَذَا الْقَوْلِ يَقُولُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَعَلَيْهِ النَّاسُ، إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَهْلِ الْحِجَازِ.
١٨٩٧ - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُهَا إِذَا رَأَى ذَلِكَ الْإِمَامُ فِي صَدَقَةِ الْمَوَاشِي، لِلْأَزْمَةِ تُصِيبُ النَّاسَ، فَتَجْدِبُ لَهَا بِلَادُهُمْ، فَيُؤَخِّرُهَا عَنْهُمْ إِلَى الْخِصْبِ، ثُمَّ يَقْضِيهَا مِنْهُمْ بِالِاسْتِيفَاءِ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، كَالَّذِي فَعَلَهُ عُمَرُ فِي عَامِ الرَّمَادَةِ. وَقَدْ يُؤْثَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ فِيهِ حُجَّةٌ لِعُمَرَ فِي صَنِيعِهِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute