٥٠٨ - وَهَذَا كِتَابُهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ثَقِيفٍ، بِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ عِضَاهَ وَجٍّ وَصَيْدَهُ لَا يُعْضَدُ وَلَا يُقْتَلُ صَيْدُهُ، فَمَنْ وُجِدَ يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَتُنْزَعُ ثِيَابُهُ ⦗٢٥١⦘، وَمَنْ تَعَدَّى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فَيُبَلِّغُ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ هَذَا مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ بِأَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا يَتَعَدَّهُ أَحَدٌ، فَيَظْلِمْ نَفْسَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لِثَقِيفٍ، وَشَهِدَ عَلَى نُسْخَةِ هَذِهِ الصَّحِيفَةِ صَحِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ الَّتِي كَتَبَ لِثَقِيفٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَكَتَبَ نُسْخَتَهَا لِمَكَانِ الشَّهَادَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: إِثْبَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَقَدْ كَانَ يُرْوَى مِثْلُ هَذَا عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تُكْتَبُ، وَيُسْتَنْسَبُونَ، فَيُسْتَحْسَنُ ذَلِكَ فَهُوَ الْآنَ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ: أَنَّهُ شَرَطَ لَهُمْ شُرُوطًا عِنْدَ إِسْلَامِهِمْ خَاصَّةً لَهُمْ دُونَ النَّاسِ مِثْلَ تَحْرِيمِهِ وَادِيَهُمْ، وَأَنْ لَا يُعْبَرُ طَائِفُهُمْ، وَلَا يَدْخُلَهُ أَحَدٌ يَغْلِبُهُمْ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا يُؤَمَّرَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَعْضُهُمُ، وَهَذَا مِمَّا قُلْتُ لَكَ: إِنَّ الْإِمَامَ نَاظِرٌ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَإِذَا خَافَ مِنْ عَدُوٍّ غَلَبَهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِمْ إِلَّا بِعَطِيَّةٍ يَرُدُّهُمْ بِهَا فَعَلَ، كَالَّذِي صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَحْزَابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبَوْا أَنْ يُسْلِمُوا إِلَّا عَلَى شَيْءٍ يَجْعَلُهُ لَهُمْ، وَكَانَ فِي إِسْلَامِهِمْ عِزٌّ لِلْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَأْمَنْ مَعَرَّتَهُمْ وَبَأْسَهُمْ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ لِيَتَأَلَّفَهُمْ بِهِ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗٢٥٢⦘ بِالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، إِلَى أَنْ يَرْغَبُوا فِي الْإِسْلَامِ وَتَحْسُنُ فِيهِ نِيَّتَهُمْ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْضٌ لِلْكِتَابِ وَلَا لِلسُّنَّةِ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ فِيمَا أَعْطَاهُمْ تَحْلِيلَ الرِّبَا. أَلَا تَرَاهُ قَدِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ لَهُمُ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ؟ هَذَا وَإِنَّمَا كَانَ أَصْلُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ إِذَا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ أَشَدَّ تَحْرِيمًا وَأَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ، وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: أَنَّهُمْ كَانُوا سَأَلُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُسْلِمُوا عَلَى تَحْلِيلِ الزِّنَا وَالرِّبَا وَالْخَمْرِ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ ثُمَّ عَادُوا إِلَيْهِ رَاغِبِينَ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَتَبَ لَهُمْ هَذَا الْكِتَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute