٥١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْأَشْجَعِيُّ، كِلَاهُمَا، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ بُزَاخَةَ، مِنْ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ ⦗٢٥٥⦘، عَلَى أَبِي بَكْرٍ، يَسْأَلُونَهُ الصُّلْحَ، فَخَيَّرَهُمْ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ الْحَرْبِ الْمُجْلِيَةِ وَالسِّلْمِ الْمُخْزِيَةِ فَقَالُوا لَهُ: هَذِهِ الْحَرْبُ الْمُجْلِيَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا السِّلْمُ الْمُخْزِيَةُ؟ فَقَالَ: أَنْ تُنْزَعَ مِنْكُمُ الْحَلْقَةُ وَالْكُرَاعُ وَتَتْرُكُوا أَقْوَامًا تَتَّبِعُونَ أَذْنَابِ الْإِبِلِ، حَتَّى يُرِي اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَكُمْ بِهِ، وَنَغْنَمُ مَا أَصَبْنَا مِنْكُمْ، وَتَرُدُّوا إِلَيْنَا مَا أَصَبْتُمْ مِنَّا، وَتَدُوا قَتْلَانَا، وَتَكُونُ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ رَأَيْتَ رَأَيًا وَسَنُشِيرُ عَلَيْكَ: أَمَّا مَا رَأَيْتَ أَنْ تَنْزِعَ مِنْهُمُ الْحَلْقَةَ وَالْكُرَاعَ، فَنِعْمَ مَا رَأَيْتَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنْ يُتْرَكُوا أَقْوَامًا يَتَّبِعُونَ أَذْنَابَ الْإِبِلِ حَتَّى يُرِي اللَّهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ وَالْمُهَاجِرِينَ أَمْرًا يَعْذِرُونَهُمْ بِهِ، فَنِعْمَ مَا رَأَيْتَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنْ نَغْنَمَ مَا أَصَبْنَا مِنْهُمْ وَيَرُدُّوا إِلَيْنَا مَا أَصَابُوا مِنَّا، فَنِعْمَ مَا رَأَيْتَ ⦗٢٥٦⦘، وَأَمَّا مَا رَأَيْتَ أَنْ يَدُوا قَتْلَانَا وَتَكُونَ قَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ، فَإِنَّ قَتْلَانَا قُتِلُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، أُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ، لَيْسَتْ لَهُمْ دِيَاتٌ، قَالَ: فَتَابَعَ الْقَوْمُ عُمَرَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَقْبَلْ إِسْلَامَهُمْ وَصُلْحَهُمْ إِلَّا بِنَزْعِ الْحَلْقَةِ وَالْكُرَاعِ مِنْهُمْ، لِمَا أَعْلَمْتُكَ؟ ثُمَّ تَابَعَهُ عُمَرُ عَلَى هَذَا، وَالْقَوْمُ مَعَهُ وَلَا نَرَاهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ إِلَّا اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَأَشْبَاهِهَا مِنَ الْقُرَى الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا كَرْهًا، بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ عَلَى بَعْضِ بِلَادِهِمْ، وَلَوْ كَانَ إِسْلَامُهُمْ رَغْبَةً غَيْرَ رَهْبَةٍ لَسَلِمَتْ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ؛ لِأَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يَجْنَحُوا إِلَى السَّلْمِ حَتَّى يَظْهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ الظُّهُورَ كُلَّهُ، وَيَصِيرُوا أُسَارَى فِي أَيْدِيهِمْ، مَا تَرَكَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا وَلَكَانَتْ غَنَائِمَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا بَيْنَ الْحَالَيْنِ قَدْ نَالُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَنَالَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ، فَلِهَذَا وَقَعَ الصُّلْحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute