٥٣١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَذَكَرَ الْكَبَائِرَ وَقَرَأَ بِهَا قُرْآنًا ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا وَالتَّعَرُّبَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَقَرَأَ: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ} [محمد: ٢٥]- (أَوْ بَيَّنَ) - {لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: ٢٥] هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَدِيثِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا كَانَ التَّارِكُ لِلْهِجْرَةِ مُرْتَدًّا يَكُونُ حُكْمُهُ فِي الْمِيرَاثِ كَحُكْمِ الْكَافِرِ الَّذِي لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ، وَمِمَّا يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٧٢] . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَإِذَا كَانَ تَرْكُ الْهِجْرَةِ يَقْطَعُ الْوَلَايَةَ مِمَّنْ هَاجَرَ، وَيَحْرُمُ الْوَارِثَ مِيرَاثَهُ، فَهُوَ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي الْفَيْءِ أَبْعَدُ، فَكَانَ ذَلِكَ حَتَّى نَسَخَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: ٦] فَلَمَّا رَجَعَتِ الْمَوَارِيثُ إِلَى مَوَاضِعِهَا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِالْوِلَايَةِ الَّتِي صَارَتْ بَيْنَهُمْ، فَعَادَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ إِخْوَةٌ أَوْلِيَاءُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] وَكَمَا قَالَ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ ⦗٢٧٨⦘ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] فَاسْتَوَتْ أَحْكَامُهُمْ، وَوَجَبَ لَهُمْ جَمِيعًا مَا وَجَبَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْأُسْوَةِ فِي الْفَيْءِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا أَنَّ لِأَهْلِ الْحَاضِرَةِ وَذَوِي الْغَنَاءِ عَنِ الْإِسْلَامِ الْفَضْلُ بِقَدْرِ غَنَائِهِمْ وَجَزْئِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
٥٣٢ - وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّهُ قَدْ لَحِقَ آخِرُ الْمُسْلِمِينَ بِأَوَّلِهِمْ فِي الْحُكْمِ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ قَدْ نُسِخَتْ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute