للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢٦ - قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ النَّهَّاسِ بْنِ قَهْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ الْأَقْرَعِ، أَوْ عَنْ عَمْرِو بْنِ السَّائِبِ بْنِ الْأَقْرَعِ، عَنْ أَبِيهِ - شَكَّ الْأَنْصَارِيُّ - قَالَ: زَحَفَ لِلْمُسْلِمِينَ زَحْفٌ ⦗٣٢١⦘، لَمْ يَزْحَفْ لَهُمْ مِثْلُهُ، فَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى عُمَرَ، فَجَمَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: تَكَلَّمُوا وَأَوْجِزُوا وَلَا تُطْنِبُوا فَتَفَشَّغَ بِنَا الْأُمُورُ فَلَا نَدْرِي بِأَيِّهَا نَأْخُذُ، فَقَامَ طَلْحَةُ، فَذَكَرَ كَلَامَهُ، ثُمَّ قَامَ الزُّبَيْرُ، فَذَكَرَ كَلَامَهُ، ثُمَّ قَامَ عُثْمَانُ فَذَكَرَ كَلَامَهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، ثُمَّ قَامَ عَلِيُّ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا جَاءُوا بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَشَدُّ تَغْيِيرًا لِمَا أَنْكَرُوا، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تُكْتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَيَسِيرُ ثُلُثَاهُمْ وَيَبْقَى ثُلُثٌ فِي ذَرَارِيِّهِمْ وَحِفْظِ جِزْيَتِهِمْ، وَتُبْعَثَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَيُوَرُّوا بِبَعْثٍ، فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، مَنْ اسْتَعْمِلُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْتَ أَفْضَلُنَا رَأْيًا وَأَعْلَمُنَا بِأَهْلِكَ فَقَالَ: لَأَسْتَعْمِلَنَّ عَلَيْهِمْ رَجُلًا يَكُونُ لِأَوَّلِ أَسِنَّةٍ يَلْقَاهَا، اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا يَا سَائِبُ بْنُ الْأَقْرَعِ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: فَأَمَرَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلِيٌّ. قَالَ: فَإِنْ قُتِلَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ فَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ فَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ قُتِلَ ذَلِكَ الْجَيْشُ فَلَا أَرَيَنَّكَ، وَأَنْتَ عَلَى مَا أَصَابُوا مِنْ غَنِيمَةٍ، فَلَا تَرْفَعَنَّ إِلَيَّ بَاطِلًا، وَلَا تَحْبِسَنَّ حَقًّا عَنْ أَحَدٍ هُوَ لَهُ، قَالَ السَّائِبُ: فَانْطَلَقْتُ بِكِتَابِ عُمَرَ إِلَى النُّعْمَانِ، فَسَارَ بِثُلُثَيْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ حَتَّى الْتَقَوْا بِنَهَاوَنْدَ فَذَكَرَ وَقْعَةَ نَهَاوَنْدَ بِطُولِهَا. قَالَ: فَحَمَلُوا، وَكَانَ النُّعْمَانُ ⦗٣٢٢⦘ أَوَّلَ مَقْتُولٍ، وَأَخَذَ حُذَيْفَةُ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ السَّائِبُ: وَجَمَعْتُ تِلْكَ الْغَنَائِمَ فَقَسَمْتُهَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَتَانِي ذُو الْعُيَيْنَتَيْنِ، فَقَالَ: إِنَّ كَنْزَ النُّخَيْرَجَانِ فِي الْقَلْعَةِ قَالَ: فَصَعِدْتُ، فَإِذَا أَنَا بِسَفْطَيْنِ مِنْ جَوْهَرٍ لَمْ أَرْ مِثْلَهُمَا قَطُّ، قَالَ: فَلَمْ أَرَهُمَا مِنَ الْغَنِيمَةِ فَأَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ، وَلَمْ أَحْرِزْهُمَا بِجِزْيَةٍ، أَوْ قَالَ: أَحَدُهُمَا - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ - ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى عُمَرَ، وَقَدْ رَاثَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ، وَهُوَ يَتَطَوَّفُ الْمَدِينَةَ وَيَسْأَلُ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: وَيْلَكَ يَا ابْنَ مُلَيْكَةَ، مَا وَرَاءَكَ؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي تُحِبَّ، ثُمَّ ذَكَرَ وَقْعَتَهُمْ وَمَقْتَلَ النُّعْمَانِ وَفَتْحَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ السَّفْطَيْنِ، فَقَالَ: اذْهَبْ بِهِمَا فَبِعْهُمَا، إِنْ جَاءَا بِدِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ اقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ بِهِمَا إِلَى الْكُوفَةِ، فَأَتَانِي شَابٌّ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالَ لَهُ: عُمَرُ بْنُ حُرَيْثٍ، فَاشْتَرَاهُمَا بِأَعْطِيَةِ الذُّرِّيَّةِ وَالْمُقَاتِلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِأَحَدِهِمَا إِلَى الْحِيرَةِ، فَبَاعَهُ بِمَا اشْتَرَاهُمَا بِهِ مِنِّي، فَكَانَ أَوَّلَ لَهْوَةِ مَالٍ أتَّخِذُهُ ⦗٣٢٣⦘ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ السَّائِبَ قَدْ كَانَ أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْأَمْرِ، مِنْ أَيِّهِمَا يَجْعَلُ الْجَوْهَرَ حَتَّى سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عُمَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَرْبِ، فَيَكُونُ غَنِيمَةً، وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِزْيَتِهِمْ، فَيَكُونُ فَيْئًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ فِي حَالٍ بَيْنَ الْحَالَيْنِ، فَلِهَذَا ارْتَابَ بِهِ حَتَّى ذَكَرَهُ لِعُمَرَ، فَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ وَقِسْمَتِهِ بَيْنَ الذُّرِّيَّةِ وَالْمُقَاتِلَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُخَمِّسَهُ، فَقَدْ بَيْنَ لَنَا أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهُ فَيْئًا، وَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ: أَنَّهُ مَا نِيلَ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ عَنْوَةً قَسْرًا، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، فَهُوَ الْغَنِيمَةُ، الَّتِي تُخَمَّسْ وَيَكُونُ سَائِرُهَا لِأَهْلِهَا خَاصَّةً، دُونَ النَّاسِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُمْ بَعْدَمَا تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَتَصِيرُ الدَّارُ دَارَ إِسْلَامٍ فَهُوَ فَيْءٌ يَكُونُ لِلنَّاسِ عَامًا، وَلَا خُمْسَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ مِثْلُهُ مَا نِيلَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، مَا كَانَ قَبْلَ لِقَائِهَا وَذَلِكَ كَجَيْشٍ خَرَجُوا يَؤُمُّونَ الْعَدُوَّ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ خَبَرَهُمُ اتَّقَوْهُمْ بِمَالٍ بَعَثُوا بِهِ إِلَيْهِمْ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا عَنْهُمْ، فَقَبِلَ الْمُسْلِمُونَ الْمَالَ وَرَجَعُوا عَنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحِلُّوا بِسَاحَتِهِمْ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ مُفَسَّرًا

<<  <   >  >>