٦٩٥ - حَدَّثَنِي مَنْ، سَمِعَ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيَّ يُحَدِّثُ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ جَعَلُوا لَهُ كُلَّ أَرْضٍ لَا يَبْلُغُهَا ⦗٣٥٨⦘ الْمَاءُ يَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَنَرَى أَنَّ الْعَقِيقَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَطَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِيُقْطِعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا شَيْئًا مِمَّا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ إِلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّمَا أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَقِيقَ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَ مِنْ أَرْضِ مُزَيْنَةَ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ قَطُّ، وَأَمَّا إِقْطَاعُهُ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ الْمَأْرِبِيَّ الْمِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ، ثُمَّ ارْتِجَاعُهُ مِنْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعَهُ وَهُوَ عِنْدَهُ أَرْضٌ مَوَاتٌ، يُحْيِيهَا أَبْيَضُ وَيُعَمِّرُهَا، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَاءٌ عَدَّ - وَهُوَ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ، مِثْلَ مَاءِ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ - ارْتَجَعَهُ مِنْهُ، لِأَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلَأِ وَالنَّارِ وَالْمَاءِ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا فِيهِ شُرَكَاءُ، فَكَرِهَ أَنْ يَجْعَلَهُ لِرَجُلٍ يَحُوزَهُ دُونَ النَّاسِ، وَسَيَأْتِي هَذَا مُفَسَّرًا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا إِقْطَاعُ أَبِي بَكْرٍ طَلْحَةَ وَعُيَيْنَةَ، وَمَا كَانَ مِنْ إِنْكَارِ عُمَرَ ذَلِكَ، وَامْتِنَاعِهِ عَنِ الْخَتْمِ عَلَيْهِ، فَلَا أَعْلَمُ لِهَذَا مَذْهَبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْيُ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ يَكْرَهُ الْإِقْطَاعَ ⦗٣٥٩⦘، وَلَا يَرَاهُ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: لِطَلْحَةَ: أَهَذَا لَكَ دُونَ النَّاسِ؟ ثُمَّ رَأَى بَعْدَمَا أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ أَقَطَعَ غَيْرَ وَاحِدٍ فِي خِلَافَتِهِ، وَهَذَا كَالرَّأْيِ يَرَاهُ الرَّجُلُ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ الرُّشْدُ فِي غَيْرِهِ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ أَخْلَاقِ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا. وَأَمَّا إِقْطَاعُ عُثْمَانَ مَنْ أَقْطَعَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَبُولُهُمْ إِيَّاهُ، فَإِنَّ قَوْمًا قَدْ تَأَوَّلُوا أَنَّ هَذَا مِنَ السَّوَادِ، وَقَدْ سَأَلْتُ قَبِيصَةَ: هَلْ كَانَ فِيهِ ذِكْرُ السَّوَادِ؟ فَقَالَ: لَا، فَإِنْ يَكُنْ كَمَا تَأَوَّلُوا فَإِنَّهُ عِنْدِي مِنَ الْأَصْنَافِ الَّتِي كَانَ عُمَرُ أَصْفَاهَا مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute