٧٠٨ - قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَهُ نَفَقَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ ⦗٣٦٥⦘ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لِلزَّارِعِ مِنْ رِيعِ ذَلِكَ الزَّرْعِ شَيْءٌ، إِلَّا بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْفُتْيَا، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِنَفَقَةِ الزَّارِعِ، وَجَعَلَ الزَّرْعَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ طَيِّبًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ حُكْمُ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَقَضَى بِقَلْعِ النَّخْلِ وَلَمْ يَقْضِ بِقَلْعِ الزَّرْعِ، لِأَنَّهُ قَدْ يُوصَلُ فِي الزَّرْعِ إِلَى أَنْ تَرْجِعَ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا مِنْ غَيْرِ فَسَادٍ وَلَا ضَرَرٍ يَتْلَفُ بِهِ الزَّرْعُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ سَنَتَهُ تِلْكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا انْقَضَتِ السَّنَةُ رَجَعَتِ الْأَرْضُ إِلَى رَبِّهَا وَصَارَ لِلْآخَرِ نَفَقَتُهُ، فَكَانَ هَذَا أَدْنَى إِلَى الرَّشَادِ مِنْ قَطْعِ الزَّرْعِ بَقْلًا، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ، وَلَيْسَ النَّخْلُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ أَصْلَهُ مُخَلَّدٌ فِي الْأَرْضِ لَا يُوصَلُ إِلَى رَدِّ الْأَرْضِ إِلَى رَبِّهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ مُكْثُ النَّخْلِ فِيهَا، إِلَّا بِنَزْعِهَا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَقْتٌ يُنْتَظَرُ لَمْ يَكُنْ لِتَأْخِيرِ نَزْعِهَا وَجْهٌ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا تَعْجِيلُ قَلْعِهَا عِنْدَ الْحُكْمِ، فَهَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ ⦗٣٦٦⦘. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ الْبِنَاءُ مِثْلَ النَّخْلِ عِنْدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute