٧٩٤ - قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، كِلَاهُمَا، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، وَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ رِيحَ الْمَوْتِ مِنْهَا، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعُوا قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ بِهِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» . قَالَ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الثَّانِيَةَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ، فَقُمْتُ، فَقَالَ لِي: مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِكَ الرَّجُلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَاهَا اللَّهِ، إِذًا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ» قَالَ: فَأَعْطَانِي، فَبِعْتُهُ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ؛ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ نِلْتُهُ - أَوْ قَالَ: تَأَثَّلْتُهُ - فِي الْإِسْلَامِ - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ ⦗٣٩٤⦘ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَبَيَّنَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ لِأَبِي قَتَادَةَ بِالسَّلَبِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ نَفَلَهُ إِيَّاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ مَا قَالَُ بَعْدَ قَتْلِ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبَهُ، فَهَذَا عِنْدَنَا بَيِّنٌ وَاضِحٌ: أَنَّ السَّلَبَ مَقْضِيُّ بِهِ لِلْقَاتِلِ بِسُنَّةٍ مَاضِيَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَهُ لَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ.
٧٩٦ - وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ بِحَدِيثِ عُمَرَ: أَنَّهُ خَمَّسَ سَلَبَ الْبَرَاءِ، وَلَيْسَ قَوْلُ أَحَدٍ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ إِنَّمَا هُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ لَمْ يَرَ أَنْ يُخَمَّسَ السَّلَبُ لَا لِلْآخَرِينَ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَقَوْلُهُ: فَكَانَ أَوَّلَ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ سَلَبُ الْبَرَاءِ، وَإِنَّمَا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ حِينَ اسْتَكْثَرَهُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ مِنْهُ، وَقَالَ: إِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ بَلَغَ مَالًا، وَأَنَا خَامِسُهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أَرَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ التَّسْمِيَةِ لِلنَّفَلِ مِنْ عُمَرَ قَبْلَ الْقِتَالِ، وَلَا فِي حَدِيثِ سَعْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا إِلَّا حَدِيثَ أَبِي طَلْحَةَ، يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَوْمَئِذٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» . وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَنْ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَفَلَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ السَّلَبُ وَإِنَّمَا هَذَا عِنْدَنَا سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ، وَتَعْلِيمٌ عَلَّمَهُ النَّاسَ: أَنَّ مَنَ قَتَلَ قَتِيلًا فَحُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ السَّلَبُ، وَلَوْلَا قَوْلُهُ هَذَا مَا عُلِمَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ، هَذَا عِنْدِي وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute