٨٩٠ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ فِي عُمَانَ: أَنْ «لَا يَأْخُذَ مِنَ السَّمَكِ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ» ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: «فَإِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَخُذْ مِنْهُ الزَّكَاةَ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ عُمَرُ فِيمَا يُرَى إِلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ الْبَحْرُ بِمَنْزِلَةِ مَا أَخْرَجَ الْبَرُّ مِنَ الْمَعَادِنِ، وَكَانَ رَأْيُهُ فِي الْمَعَادِنِ الزَّكَاةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ، فَشَبَّهَهُ بِهِ، وَلَيْسَ النَّاسُ فِي السَّمَكِ عَلَى هَذَا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ، فَالْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ فِيهِمَا، كَمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَهُوَ رَأْيُ سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ جَمِيعًا.
٨٩١ - وَمَعَ هَذَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَأْتِنَا عَنْهُ فِيهِ سُنَّةٌ عَلِمْنَاهَا، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ مِنْ وَجْهٍ يَصِحُّ، فَنَرَاهُ مِمَّا عَفَا ⦗٤٣٥⦘ عَنْهُ، كَمَا عَفَا عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ.
٨٩٢ - وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْخُمُسَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ مَنْ أَوْجَبُهُ تَشْبِيهًا بِمَا يُخْرِجُ الْبَرُّ مِنَ الْمَعَادِنِ، فَرَآهُمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَهَبَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ.
٨٩٣ - يَقُولُونَ: فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَعَلَ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ، وَسَكَتَ عَنِ الْبَحْرِ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْئًا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ هُمَا عِنْدَنَا، لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا حُكْمَ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ مُخْتَلِفَيْنِ فِي غَيْرِ خُلَّةٍ، وَلَا اثْنَتَيْنِ.
٨٩٤ - مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ عَلَى الْمُحْرِمِينَ، وَأَوْجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ مِنْهُمُ الْجَزَاءَ، وَأَبَاحَ لَهُمْ صَيْدَ الْبَحْرِ، فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِيهِ جُنَاحًا وَلَا كَفَّارَةً، وَكَذَلِكَ الْمَيْتَةُ، حَرَّمَ اللَّهُ مَيْتَةَ الْبَرِّ إِلَّا بِالزَّكَاةِ، وَجَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَيْتَةِ الْبَحْرِ: أَنْ قَالَ: وَهُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ، فَفَرَّقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَةُ بَيْنَ حُكْمِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَجَعَلَ مَا فِي الْبَحْرِ مُبَاحًا لِآخِذِهِ ⦗٤٣٦⦘ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ نَرَى سَائِرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِمَنْزِلَتِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ شَيْئًا، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِالثَّبْتِ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute