للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا

⦗٨٣٣⦘

٧٩ - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: ثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَجْلَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّارِ اجْتِمَاعًا يَعْنِي أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا، ثُمَّ سَدَّدَ الْمُسْلِمُ وَقَارَبَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَذَاكَ نَقُولُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّ مَنَ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ سَدَّدَ وَقَارَبَ وَمَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلِ النَّارَ، مَوْضِعُ الْكُفَّارِ مِنْهَا، وَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي لِذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ قَاتِلُ الْكَافِرِ إِذَا مَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ مَعَ الْكَافِرِ الْمَقْتُولِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ النَّارِ، لَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ، وَلَا مَوْضِعًا مِنْهَا، وَإِنِ ارْتَكَبَ جَمِيعَ الْكَبَائِرِ، خَلَا الشِّرْكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا لَمْ يَشَأِ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا دُونَ الشِّرْكِ فَقَدْ خَبَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لِلنَّارِ سَبْعَةَ ⦗٨٣٤⦘ أَبْوَابٍ: فَقَالَ لِإِبْلِيسَ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: ٤٢] ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: ٤٤] فَأَعْلَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَسَّمَ تَابِعِي إِبْلِيسَ مِنَ الْغَاوِينَ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى عَدَدِ أَبْوَابِ النَّارِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مَعْلُومًا وَاسْتَثْنَى عِبَادَهُ الْمُخْلَصِينَ مِنْ هَذَا الْقَسْمِ فَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ زَجَرَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَغْوَاهُ إِبْلِيسَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يَشَاءُ غُفْرَانَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ يَرْتَكِبُهَا الْمُسْلِمُ دُونَ الشِّرْكِ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، لِذَاكَ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] وأَعْلَمَنَا خَالِقُنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ آدَمَ خَلْقَهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، عَصَاهُ فَغَوَى، وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ اجْتَبَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ بِارْتِكَابِ هَذِهِ الْحُوبَةِ، بَعْدَ ارْتِكَابِهِ إِيَّاهَا، فَمَنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ حَوْبَتَهُ الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَأَوْقَعَ عَلَيْهَا اسْمَ غَاوٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَجْزَاءِ، جُزْءًا وَقَسْمًا لِأَبْوَابِ النَّارِ السَّبْعَةِ وَفِي ذِكْرِ آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: ١٢١] مَا يُبَيِّنُ وَيُوَضِّحُ أَنَّ اسْمَ الْغَاوِي قَدْ يَقَعُ عَلَى مُرْتَكِبِ خَطِيئَةٍ، قَدْ زَجَرَ اللَّهُ عَنْ إِتْيَانِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخَطِيئَةُ كُفْرًا وَلَا شِرْكًا، وَلَا مَا يُقَارِبُهَا وَيُشْبِهُهَا، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ الْمُوَحِّدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ الْمُطِيعُ لِخَالِقِهِ فِي أَكْثَرِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَنَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ غَيْرِ الْمُفْتَرَضِ عَلَيْهِ، الْمُنْتَهِي عَنْ أَكْثَرِ الْمَعَاصِي وَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي وَالْحَوْبَاتِ فِي قَسْمِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَدَعَا مَعَهُ آلِهَةً، أَوْ جَعَلَ لَهُ ⦗٨٣٥⦘ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَلَمْ يُؤْمِنْ أَيْضًا بِشَيْءٍ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَلَا أَطَاعَ اللَّهَ فِي شَيْءٍ أَمَرَهُ بِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، وَلَا انْزَجَرَ عَنْ مَعْصِيَةٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهَا مُحَالٌ أَنْ يَجْتَمِعَ هَذَانِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ النَّارِ، وَالْعَقْلُ مُرَكَّبٌ عَلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ خَطِيئَةً وَأَكْثَرَ ذَنُوبًا لَمْ يَتَجَاوَزِ اللَّهُ عَنْ ذُنُوبِهِ، كَانَ أَشَدَّ عَذَابًا فِي النَّارِ، كَمَا يَعْلَمُ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ بِفِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَاجْتِنَابِ السَّيِّئَاتِ كَانَ أَرْفَعَ دَرَجَةً فِي الْجِنَّانِ، وَأَعْظَمَ ثَوَابًا وَأَجْزَلَ نِعْمَةً، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَهَّمَ مُسْلِمٌ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ يَجْتَمِعُونَ فِي النَّارِ، فِي الدَّرَجَةِ، مَعَ مَنْ كَانَ يَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَدْعُو لَهُ شَرِيكًا أَوْ شُرَكَاءَ، فَيَدْعُو لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، وَيَكْفُرُ بِهِ وَيُشْرِكُ، وَيَكْفُرُ بِكُلِّ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَيُكَذِّبُ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَيَتْرُكُ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ، وَيَرْتَكِبُ جَمِيعَ الْمَعَاصِي، فَيَعْبُدُ النِّيرَانَ وَيَسْجُدُ لِلْأَصْنَامِ، وَالصُّلْبَانِ، فَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الْبَابَ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ تَكْذِيبِ الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِخْرَاجِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ إِذْ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ: أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ لَيْسَ فِيهَا، وَأَمْحَلُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ لَيْسَ فِيهَا، وَفِي إِبْطَالِ أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُرُوسُ الدِّينِ وَإِبْطَالُ الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ جَمِيعِ الْكُفَّارِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ النَّارِ، وَلَا سَوَّى ⦗٨٣٦⦘ بَيْنَ عَذَابِ جَمِيعِهِمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥] وَقَالَ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَأُبَيِّنُ بِمَشِيئَةِ خَالِقِنَا عَزَّ وَجَلَّ مَعْنَى أَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ فَعَلَ كَذَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، وَأُؤَلِّفُ بَيْنَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ تَأْلِيفًا بَيِّنًا مَشْرُوحًا بَعْدَ ذِكْرِي لِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ حُمِلَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا كَانَتْ دَافِعَةً لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فِعْلَ صَاحِبِهَا بَعْضَهَا يَسْتَوْجِبُ الْجَنَّةَ، وَيُعَاذُ مِنَ النَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>