للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى أَنَّ مَنِ ادَّعَى مِمَّنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ، وَزَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحْيِي أَحَدًا فِي الْقَبْرِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١] وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّتِي قَدْ أُعْلِمَتْ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا فِي ذِكْرِ الْعَدَدِ الَّذِي لَا يَكُونُ نَفْيًا لِمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ فَافْهَمُوهُ لَا تُغَالِطُوا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} فَقَدْ أَحْيَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا الْعَبْدَ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الْبَعْثِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهَذِهِ الْآيَةُ تُصَرِّحُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحْيَا هَذَا الْعَبْدَ مَرَّتَيْنِ إِذْ قَدْ أَحْيَاهُ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ مُكْثِهِ مَيِّتًا مِائَةَ سَنَةٍ، وَسُيُحْيِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَبْعَثُهُ وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: ٢٤٣] وَقَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِي الْأَوَّلِ كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ أَمْرُ تَكْوِينٍ، أَمَاتَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ مُوتُوا لِأَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ دَالٌ عَلَى أَنَّهُمْ مَاتُوا وَالْإِحْيَاءُ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْإِمَاتَةِ؛ لَأَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: ٢٤٣] دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا مَاتُوا فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهَذِهِ الْجَمَاعَةُ قَدْ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ مَرَّتَيْنِ، قَبْلَ الْبَعْثِ، وَسَيَبْعَثُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً، فَالْكِتَابُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي هَذِهِ الْجَمَاعَةَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِحْيَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>