١٠٦٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ، ثنا الْمُعَلَّى بْنُ جُزَيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ التُّومِ الرَّقَاشِيُّ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَافَ رَجُلًا فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ فَجَعَلَتْ رُسُلُهُ تَخْتَلِفُ إِلَى مَنْزِلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ يَطْلُبُونَهُ وَفِي جِيرَانِهِ فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ، فَهَرَبَ الرَّجُلُ فَجَعَلَ لَا يَأْتِي بَلْدَةً إِلَّا قِيلَ لَهُ قَدْ كُنْتَ تُطْلَبُ هَاهُنَا، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَخَشِيَ أَنْ لَا يُفْلِتَ مِنْهُ قَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى بِلَادٍ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَمْلَكَتُهُ، فَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ قَاصِدًا إِلَى أَهْلِهِ حَتَّى طَرَقَهُمْ لَيْلًا، فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَنْ ⦗٣٢٦⦘ هَذَا؟ فَقَالَ: افْتَحِي أَنَا فُلَانٌ، فَقَالَتْ: وَيْحَكَ وَمَا الَّذِي جَاءَ بِكَ فَوَاللَّهِ مَا نَأْمَنُ وَلَا يَأْمَنُ جِيرَانُنَا، وَلَكِنْ أَرَى وَاللَّهِ الْحَيْنَ جَاءَ بِكَ، فَفَتَحَتْ لَهُ وَأَسْرَجَتْ لَهُ سِرَاجًا وَنَبَّهَتْ لَهُ عِيَالَهُ وَجَاءَتْهُ بِعَشَاءٍ فَتَعَشَّى، وَإِنَّهُ أَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا فَلَمْ تَمْتَنِعْ عَلَيْهِ فَوَقَعَ بِهَا، وَقَالَتْ: يَا جَارِيَةُ ضَعِي لِمَوْلَاكِ فِي الْمُتَوَضَّأِ سِرَاجًا، وَضَعِي لَهُ مَاءً وَاذْهَبِي إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَرْبَعَةٌ مِنْ جِيرَانَهَا، وَلَا يَعْلَمُ الرَّجُلُ، فَأَتَتْ أَبْوَابَهُمْ فَدَقَّتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهَا: وَيْلَكِ مَا لُكُمْ، أَطَرَقَكُمُ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ؟ قَالَتْ: لَا، قَالُوا فَلِأَيِّ شَيْءٍ بَعَثَتْكِ؟ قَالَتْ: مَا لِي بِهِ عِلْمٌ، قَالَ: فَدَقَّ هَذَا عَلَى هَذَا وَقَالُوا تَعَالَوْا إِلَى هَذِهِ الْبَائِسَةِ فَقَدِ اسْتَغَاثَتْ بِكُمْ، فَأْتَوْهَا فَفَتَحَتْ لَهُمُ الْبَابَ وَقَالَتِ: ادْخُلُوا الْبَيْتَ فَدَخَلُوا الْبَيْتَ فَقَامَ إِلَيْهِمْ فَاعْتَنَقَهُمْ، فَقَالُوا: مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ فَوَاللَّهِ مَا نَأْمَنُ فِي مَنَازِلِنَا وَلَكِنَّا نَرَى الْحَيْنَ وَاللَّهِ جَاءَ بِكَ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ إِنِّي لَمْ آتِ بَلْدَةً إِلَّا وَجَدْتُنِي أُطْلَبُ فِيهَا، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ أَدْخُلَ بَلْدَةً لَيْسَ عَلَيْهَا مَمْلَكَتُهُ وَهَذَا وَجْهِي، وَإِنَّمَا جِئْتُ لِأُوصِيَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَصِيَّةَ الْمَوْتِ؛ لِأَنِّي إِنَّ دَخَلْتُ بِلَادًا غَيْرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا، فَأَوْصَيْتُ إِلَيْهَا وَأُشْهِدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ وَدَّعَهُمْ وَقَامُوا يَخْرُجُونَ، قَالُوا: أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ لِأَيِّ شَيْءٍ بَعَثْتِ إِلَيْنَا؟ فَقَالَتْ: أَلَيْسَ تَعْرِفُونَ الرَّجُلَ إِنَّهُ زَوْجِي؟ قَالُوا: بَلَى قَالَتْ: فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْهُ اللَّيْلَةَ مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَهْلِهِ فَاشْهَدُوا عَلَى هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَإِنِّي لَا أَدْرِي مَا يَكُونُ هَاهُنَا - وَأَوْمَأَتْ إِلَى بَطْنِهَا - فَيَقُولُ النَّاسُ مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ بِهَذَا وَزَوْجُهَا غَائِبٌ، قَالَ: فَخَرَجَ الْقَوْمُ وَهُمْ يَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ امْرَأَةً قَطُّ أَحْسَنَ عَقْلًا وَلَا أَقْرَبَ مَذْهَبًا، قَالَ: وَوَدَّعُوهُ وَخَرَجَ الرَّجُلُ تَرْفَعُهُ أَرْضٌ وَتَضَعُهُ أُخْرَى، حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَمْلَكَتِهِ، قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا مَاءٌ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي، قَالَ: فَخِفْتُهُ وَقُلْتُ: هَذَا يَطْلُبُنِي، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا مَعَهُ رَاحِلَةٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا قِرْبَةٌ، قَالَ: فَكَأَنِّي آنَسْتُ فَقَصَدْتُ نَحْوَهُ، فَلَمَّا صِرْتُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَأَنَا قَائِمٌ، فَقَالَ: «لَعَلَّ هَذَا الطَّاغِي أَخَافَكَ» ، قُلْتُ: أَجَلْ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قَالَ: «فَمَا يَمْنَعُكَ مِنَ السَّبْعِ» ، قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَمَا السَّبْعُ؟ فَقَالَ: " قُلْ سُبْحَانَ الْوَاحِدِ الَّذِي لَيْسَ غَيْرُهُ إِلَهٌ، سُبْحَانَ الْقَدِيمِ الَّذِي لَا بَادِيَ لَهُ، سُبْحَانَ الدَّائِمِ الَّذِي لَا نَفَادَ لَهُ، سُبْحَانَ الَّذِي كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، سُبْحَانَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ مَا يُرَى وَمَا لَا يُرَى، سُبْحَانَ الَّذِي عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ، ثُمَّ قَالَ: قُلْهَا، قَالَ: فَقُلْتُهَا وَحَفِظْتُهَا، قَالَ: فَأَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِي الْأَمْنَ وَرَجَعْتُ رَاجِعًا مِنْ طَرِيقِي الَّذِي جِئْتُ بِهِ، فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ الرَّجُلَ، وَقَصَدْتُ قَاصِدًا أُرِيدُ أَهْلِي فَقُلْتُ: لَآتِيَنَّ بَابَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَيْتُ بَابَهُ فَإِذَا هُوَ يَوْمَ إِذْنِهِ وَهُوَ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ، فَدَخَلْتُ وَإِنَّهُ لَعَلَى فَرْشِهِ فَمَا غَدَا أَنْ رَآنِيَ فَاسْتَوَى عَلَى فَرْشِهِ ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيَّ فَمَا زَالَ يُدْنِينِي حَتَّى قَعَدْتُ مَعَهُ عَلَى الْفِرَاشِ، ثُمَّ قَالَ: سَحَرْتَنِي وَسَاحِرٌ أَيْضًا مَعَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَنَا بِسَاحِرٍ وَلَا ⦗٣٢٧⦘ أَعْرِفُ السَّحَرَةَ وَلَا سَحَرْتُكَ، قَالَ: فَكَيْفَ، فَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَتِمُّ مُلْكِي إِلَّا بِقَتْلِكَ، فَلَمَّا رَأَيْتُكَ لَمْ أَسْتَقِرَّ حَتَّى دَعَوْتُكَ فَأَقْعَدْتُكَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي، وَهُوَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ قَالَ اصْدُقْنِي أَمْرَكَ، فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِ وَخَوْفِهِ وَأَمْرِهِ كُلِّهِ وَمَا كَانَ فِيهِ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ سُلَيْمَانُ: الْخَضِرُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَّمَكَهَا، اكْتُبُوا لَهُ أَمَانَةً وَأَحْسِنُوا جَائِزَتَهُ وَاحْمِلُوهُ إِلَى أَهْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute