حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، ثنا مُجَاهِدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافَ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ , وَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ وَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ , وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ , فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَسْأَلُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ , ثُمَّ مَرَّ عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَسْأَلُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي , وَقَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ: «الْحَقْ» ، وَمَضَى فَأَتْبَعْتُهُ وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ , فَاسْتَأْذَنْتُ , فَأَذِنَ لِي , فَوَجَدَ قَدَحًا مِنْ لَبَنٍ , فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ لَكُمْ؟» قِيلَ: أَهْدَاهُ لَنَا فُلَانٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبَا هِرٍّ» ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: " الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ؛ فَادْعُهُمْ وَهُمْ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ , وَلَا يَأْوُونَ عَلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ , وَإِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ , وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا , وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ , وَقُلْتُ: مَا هَذَا الْقَدَحُ بَيْنَ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَنَا رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ فَسَيَأْمُرُنِي أَنْ أُدِيرَهُ عَلَيْهِمْ فَمَا عَسَى أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنْهُ مَا يُغْنِينِي وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ. قَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ , خُذِ الْقَدَحَ فَأَعْطِهِمْ» . فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُنَاوِلُهُ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّهُ وَأُنَاوِلُهُ الْآخَرَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ , فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَدَحَ , فَوَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَتَبَسَّمَ , فَقَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» , فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ , يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ ⦗٣٩٤⦘: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» ، فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ , ثُمَّ قَالَ: «اشْرَبْ» ، فَشَرِبْتُ , ثُمَّ قَالَ: «اشْرَبْ» ، فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ: «اشْرَبْ» ، فَلَمْ أَزَلْ أَشْرَبُ , وَيَقُولُ: «اشْرَبْ» ، حَتَّى قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، فَأَخَذَ الْقَدَحَ , فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَسَمَّى , ثُمَّ شَرِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute