للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٦٣ - أَخْبَرَكُمْ أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الرَّبَابِ قَالَ: كُنْتُ خَامِسَ خَمْسَةٍ فِي الَّذِينَ وُلُّوا قَبْضَ السُّوسِ، فَأَتَى رَجُلٌ وَفِيهِ لَخْلَخَانِيَّةٌ كَهَيْئَةِ الدِّيَافِيَّةِ أَوِ الْعَبَّادِيَّةِ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ خَبِيئًا فَتَبِيعُونِيهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، إِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابَ اللَّهِ، وَلَا ذَهَبًا، وَلَا فِضَّةً، قَالَ: فَإِنَّهُ بَعْضُ مَا اسْتَثْنَيْتُمْ، هُوَ كِتَابُ اللَّهِ، أُحْسِنُ أَقْرَأُهُ، وَلَا تُحْسِنُونَ تَقْرَءُونَهُ، فَقُلْنَا: فَأْتِنَا بِهِ، فَأَتَانَا بِهِ، فَنَزَعْنَا دَفَّتَيْهِ، وَوَهَبْنَا لَهُ، وَاشْتَرَاهُ مِنَّا بَعْدَ ذَلِكَ بِدِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَحِبَنَا رَجُلٌ شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ، وَهُوَ مُكِبٌّ عَلَيْهِ يَقْرَأُ وَيَبْكِي، قَالَ: وَفِي نَاحِيَةِ الرُّفْقَةِ فَتًى شَابٌّ يَتَغَنَّى يَرْفَعُ صَوْتَهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَا تَلُمْنَا فَإِنَّهُ فَتًى شَابٌّ، قَالَ: هُوَ صَاحِبٌ، وَلَهُ حَقٌّ، قُلْتُ: مَا أَشْبَهَ هَذَا الْمُصْحَفُ بِمُصْحَفٍ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ كَذَا، قَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَثْبَتَ بَصَرًا، فَإِنَّهُ ذَاكَ، قُلْتُ: فَأَيْنَ تُرِيدُ الْآنَ؟ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ كَعْبُ الْأَحْبَارِ عَامَ الْأَوَّلِ، فَأَتَيْتُهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ الْعَامَ، إِمَّا أَنْ تَأْتِيَنِي، وَإِمَّا أَنْ آتِيَكَ، فَهَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ ⦗٤٠٩⦘، قَالَ: قُلْتُ: فَأَنَا مَعَكَ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدَ عِنْدَ كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُونَ مِنَ الْيَهُودِ، فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيرَةٍ، فَقَالَ: أَوْسِعُوا أَوْسِعُوا، فَأَوْسَعُوا، وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: يَا نُعَيْمُ، أَتُجِيبُ هَؤُلَاءِ أَوْ أُجِيبُهُمْ؟، فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُفَقِّهَ هَؤُلَاءِ مَا قَالُوا، ثُمَّ أُجِيبَهُمْ، إِنَّ هَؤُلَاءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا خَيْرًا، ثُمَّ قَلَبُوا أَلْسِنَتَهُمْ، فَزَعَمُوا أَنَّا بِعْنَا الْآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، هَلُمَّ فَلْنُوَاثِقْكُمْ، فَإِنْ جِئْتُمْ بِأَهْدَى مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ اتَّبَعْنَاكُمْ، وَإِنْ جِئْنَا بِأَهْدَى مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَتَتَّبِعُنَّنَا، قَالَ: فَتَوَاثَقُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ» ، فَأُرْسِلَ إِلَيْهِ فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ؟» قَالُوا: نَعَمْ، لَا يُحْسِنُ أَحَدٌ يَكْتُبُ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ، فَدُفِعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ قَارِئٍ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مَكَانٍ مِنْهُ نَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ كَالرَّجُلِ يُؤْذِنُ صَاحِبَهُ بِالشَّيْءِ قَدْ دَنَا مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ بِهِ، فَنَبَذَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: «آهٍ» ، وَأَخَذَهُ، وَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَقَرَأَ، وَأَتَى عَلَى آيَةٍ مِنْهُ فَخَرُّوا سُجَّدًا، فَلَمْ يَرْفَعُوا حَتَّى قِيلَ لَهُمُ: ارْفَعُوا، فَرَفَعُوا، وَبَقِيَ الشَّيْخُ يَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ: مَا لَكَ لَا تَرْفَعُ؟ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: وَمَا لِي لَا أَبْكِي، رَجُلٌ عَمِلَ فِي الضَّلَالَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ الْإِسْلَامَ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَنُبِّئْتُ أَنَّ أَيُّوبَ قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّ مَجْلِسَكَ هَذَا كَفَّارَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ عُمُرِكَ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَأَظُنُّهُ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ الْآيَةُ الَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>