٢٦٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَنْبَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: «هَمَمْتُ أَلَّا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ» ثُمَّ دَعَا بِهِمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إِبْطَالِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا يُجَاوِزُ الثُّلُثَ: فَقَالَ الَّذِينَ أَجَازُوا نَسْخَ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ: السُّنَّةُ هِيَ الَّتِي نَسَخَتْ إِجَازَةَ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَأَبْطَلَتْهُ وَقَالَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى: السُّنَنُ لَمْ تَنْسَخْ مِنَ الْكِتَابِ شَيْئًا وَلَكِنَّهَا بَيَّنَتْ عَنْ خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا} [النساء: ١٢] بَعْضَ الْوَصَايَا دُونَ بَعْضٍ فأَرَادَ مَا كَانَ مِنَ الْوَصَايَا دُونَ الثُّلُثِ إِلَى الثُّلُثِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: {أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] الدَّيْنَ كُلَّهُ عُمُومًا لَا خُصُوصَ فِيهِ وَبَدَأَ فِي كِتَابِهِ بِذِكْرِ الْوَصِيَّةِ قَبْلَ الدَّيْنِ، وَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّيْنَ يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوَصَايَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، ثُمَّ الْوَصَايَا مِنْ بَعْدِ الدَّيْنِ فَخْرَّجَةٌ مِنَ الثُّلُثِ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا يَتَوَارَثُونَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute