٤١٥ - عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ بِالتَّخْفِيفِ أَسْأَلُهُ عَنْ لُحُومِ الْهَدْيِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إِنَاثًا» ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا» قَالَ وَسَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ يَقُولُ: قَالَ لشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا» : إِنَّ عِلْمَ الْعَرَبِ كَانَ فِي زَجْرِ الطَّيْرِ وَالْبُوارِحِ وَالْخَطِّ وَالِاعْتِيَافِ، كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا غَدَا مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ أَمْرًا نَظَرَ أَوَّلَ طَائِرٍ يَرَاهُ فَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَسَارِهِ وَاجْتَازَ عَنَ يَمِينِهِ قَالَ: هَذِهِ طَيْرُ الْأَيَامِنِ فَمَضَى فِي حَاجَتِهِ وَرَأَى أَنَّهُ سَيَسْتَنْجِحُهَا وَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَمِينِهِ فَمَرَّ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ: هَذِهِ طَيْرُ الْأَشَائِمِ فَرَجَعَ وَقَالَ: هَذِهِ حَاجَةٌ مَشْئُومَةٌ. وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
[الْبَحْر الْبَسِيط]
لَا يَزْجُرُ الطَّيْرَ سُنُحًا إِنْ عَرَضْنَ لَهُ
وَلَا يُفِيضُ عَلَى قِسْمٍ بِأَزْلَامِ
يَعْنِي أَنَّهُ سَلَكَ طَرِيقَ الْإِسْلَامِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ يَمْدَحُ نَفْسَهُ:
[الْبَحْر الطَّوِيل]
وَلَا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرَ هَمَّهُ ... أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ
وَكَانَ الْعَرَبِيُّ إِذَا لَمْ يَرَ طَائِرًا سَانِحًا فَرَأَى طَيْرًا فِي وَكْرِهِ حَرَّكَهُ مِنْ وَكْرِهِ لِيُطَيِّرَهُ لَيَنْظُرَهُ أَسَلَكَ طَرِيقَ الْأَشَائِمِ أَوْ طَرِيقَ الْأَيَامِنِ؟ فَيُشْبِهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا» أَيْ لَا تُحَرِّكُوهَا فَإِنَّ تَحْرِيكَهَا وَمَا تَعْلَمُونَ بِهِ مِنَ الطِّيَرَةِ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَصْنَعُ فِيمَا تَتَوَجَّهُونَ لَهُ قَضَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطِّيَرَةِ فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ» أَخْبَرَنَا الطَّحَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ جَمِيعًا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فيهِ الشَّعْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ أَخْبَرَنَا الطَّحَاوِيُّ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ شُرَيْحٍ النَّقَّالَ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، يَوْمَئِذٍ بِحَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ هَذَا، فَالْتَفَتَ سُفْيَانُ إِلَى الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَسَأَلَهُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَقِرُّوا الطَّيْرَعَلَى مَكِنَاتِهَا» فَأَجَابَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَّابِ بِعَيْنِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْمُزَنِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْبَيْتَيْنِ مِنَ الشَّعْرِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمُزَنِيُّ فَسَكَتَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute