٥٨٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ , عَنْ بَعْضِ , مَشَايِخِهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ كَانَتْ لَهُ ابْنَةُ عَمٍّ جَمِيلَةٌ , وَكَانَ غَيُورًا , فَابْتَنَى لَهَا فِي دَارِهِ صَوْمَعَةً , وَجَعَلَهَا فِيهَا , وَزَوَّجَهَا مِنْ أَكْفَئِهَا مِنْ بَنِي عَمِّهَا , وَأَنَّ فَتًى مِنْ كِنَانَةَ مَرَّ بِالصَّوْمَعَةِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ فَأَنْشَدَهَا , وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ , وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ إِلَيْهَا , وَأَنَّهُ افْتَعَلَ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ وَدَعَا غُلَامًا مِنَ الْحَيِّ فَعَلَّمَهُ الْبَيْتَ , وَقَالَ لَهُ: ادْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ وَأَنْشِدْ كَأَنَّكَ لَاعِبٌ , وَلَا تَرْفَعْ رَأْسَكَ وَلَا تُصَوِّبْهُ , وَلَا تُومِئْ فِي ذَلِكَ إِلَى أَحَدٍ , فَفَعَلَ الْغُلَامُ مَا أَمَرَهُ بِهِ , وَكَانَ زَوْجُ الْجَارِيَةِ قَدْ أَزْمَعَ عَلَى سَفَرٍ بَعْدَ يَوْمِ أَوْ يَوْمَيْنِ , فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
لَحَا اللَّهُ مَنْ يَلْحَى عَلَى الْحُبِّ أَهْلَهُ ... وَمَنْ يَمْنَعِ النَّفْسَ اللُّجُوجَ هَوَاهَا
قَالَ: فَسَمِعَتِ الْجَارِيَةُ فَفَهِمَتْ فَقَالَتْ:
أَلَا إِنَّمَا بَيْنَ التَّفَرُّقِ لَيْلَةٌ ... وَيَوْمٌ فَتُعْطَى كُلُّ نَفْسٍ مُنَاهَا
قَالَ: فَسَمِعَتِ الْأُمُّ فَفَهِمَتْ فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:
أَلَا إِنَّمَا يَعْنُونَ نَاقَةَ رَحْلِكُمْ ... فَمَنْ كَانَ ذَا نُوقٍ لَدَيْهِ رَعَاهَا
فَسَمِعَ الْأَبُ فَفَهِمَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
إِنَّا سَنَرْعَاهَا وَنُوثُقُ قَيْدَهَا ... وَنَطْرُدُ عَنْهَا كُلَّ وَحْشٍ أَتَاهَا
فَسَمِعَ الزَّوْجُ فَفَهِمَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
سَمِعْتُ الَّذِيَ قُلْتُمْ فَهَا أَنَا مُطْلِقٌ ... فَتَاتَكُمُ مَهْجُورَةً لِبَلَاهَا
⦗٢٩٤⦘
قَالَ: فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَخَطَبَهَا ذَلِكَ الْفَتَى , وَأَرْغَبَهُمْ فِي الْمَهْرِ , فَتَزَوَّجَهَا